Wednesday 13 April 2011

الغنوسية المسيحية / عناصر المنهج الفكرى.



الغنوسية المسيحية !

عناصر  المنهج  الفكرى.


بعدما درسنا فى المقال السابق أصول فكر الغنوسية المسيحية و إرهاصاته الأولى عند القديسين يوستينوس و أثيناغوراس ، نتعرف الآن على العناصر التى صاغها القديس كليمندس الأسكندرى و هو يقيم بناء "المعرفة المسيحية الحقيقية" فى مواجهة الغنوسية الهرطوقية التى أتعبت الكنيسة فى عصره .
و هنا يجب أن نشير أن قديسنا قد وضع منهجه المتدرج هذا فى كتبه الثلاث : الخطاب إلى الوثنيين، و المربى، و المتفرقات ، لكننا هنا سنتبع تقسيم مختلف ، فنحن سنجمع كلماته المباركة التى وضعها فى كل هذه الكتب فى موضوعات كُليَّة حتى نخرج منها برؤية واضحة للفكر الذى اتبعه ، معتمدين فى ذلك على ما وُضع تحت إيدينا من أقواله التى ترجمت إلى العربية !


أولاً : الفلاسفة  هم  أنبياء  العالم  الوثنى:

 القديس كليمندس كان يعتبر أن المعرفة متمثلة و متجسدة فى الفلسفة اليونانية ، إذن ، فنقطة الإنطلاق فى صياغة فكر أرثوذكسى عن المعرفة المسيحية لا بد أن تكون شرح دور هذه الفلسفة الذى يجعله "فوق الطبيعى" فى الإعداد الأمم لقبول المسيح ، و بالطبع لم يكن كليمندس ـ كما قلنا ـ هو أول من أثار السؤال عن العلاقة بين الفلسفة و الوحى ، أو بين فلاسفة الوثنيين و أنبياء العهد القديم، إلا أن كليمندس قد أجاب عنه بتحديد و جرأة روحية نادرة ، واضعاً الإيمان التقليدى بالوحى الإلهى نصب عينيه !


+ الفلسفة  هى الوحى  الــمؤدِّب   الأمم  للمسيح  :
 فالوحى الإلهى أُعطى لبعض البشر الممتازين ، حتى و من بين الوثنيين ، و هؤلاء كانوا " أنبياء العالم الوثنى " و الفلسفة عنده هى علم إلهى [1]،و عطية إلهية ، و قد عقد كليمندس مقارنات عديدة بين الفلسفة و الوحى و هو يستعرض هذه الحقيقة ، أنه :
[ كان هناك إعداد للإنجيل وسط العالم الوثنى]

إنه يقول أن الله أرسل منذ البدء الملائكة ليوصِّلوا إلى كل جنس ـ بتوسط رجل مُلهم ـ نوعاً من الحكمة ، لكن الحكمة الأولى تآكلت و تاريخ الفلسفة لم يعد يؤول إلى تقدم بل إلى فناء ، و منذ البداية ونحن نجد الحقائق فى وضعها الأصيل النقى ـ كما وهبها الله مثل حكمة العبرانيين ـ لكن كليمندس لا يُغفِل بل و يعترف بقيمة الحكمات الأخرى خارج اليهود.[2]

إن نظرية الإلهام النازل على الرجال الحكماء من الأمم الأخرى جعلت كليمندس ـ أكثر من يوستينوس الفيلسوف و الشهيد ـ يؤكد على التوازى بين الكتاب المقدس و الشعراء اليونان و على الأخص هوميروس و هيزيود ، هذان الإثنان يعتبرهما كليمندس رجالاً مُلهمين من الله علَّموا بتعالم سامية على شكل قصص.

[لأن ما أنعم به على كل جيل لفائدته،و فى الوقت المناسب كان تعليماً إعدادياً لكلمة الله.]
[ و على ذلك كانت الفلسفة ، قبل مجىء الرب ، ضرورية عند اليونان للبر ، و أصبحت الآن مؤدبة إلى التقوى ، إذ هى نوع من التعليم الإعدادى بالنسبة لمن يدركون الإيمان بالبرهان ][3]
ستروماتا ( ف 5)


+  و هى  بذلك  تلعب  نفس  دور  العهد  القديم  عند  اليهود :
 قد شبهها بالعهد القديم ،و جعلها تمهد للكلمة و تعد الطريق لظهور المخلص ، و لكنه يؤكد أنها لا تحل محل الوحى الإلهى و أضاف إن ما يوجد من بذور المعرفة فى العقائد الفلسفية مأخوذ عن أنبياء العهد القديم ، حتى أنه قال أن أفلاطون قد اقتدى بموسى فى شرائعه و أن اليونان قد استعانوا بالبرابرة أى باليهود و المسيحيين .

[ لقد قيل " و لا تعثر رجلك" ( أم 3 : 23 ) إذا تمسكت بما هو خير عند الله سواء كان هذا الخير ينتسب إلى اليونان أو إلينا لأن الله هو علة كل الخيرات ، لكنه علة أولى بالنسبة لبعضها كالعهدين القديم و الجديد ، و علة تابعه بالنسبة لبعضها الآخر كالفلسفة ، و لعل الفلسفة أعطيت لليونان بطريق مباشر و أصيل إلى أن يدعوهم الرب إلى الإيمان ، فكان المُعلم الذى أعد الفكر الهلينستى للمسيح ، كمل فعل الناموس بالنسبة للعبرانيين ][4]
استروماتا ( ف 5 )
[ فالفلسفة إذن كانت إعداداً ، هيَّأ الطريق لمن تكمَّل فى  المسيح ! ]

+ إذن ،  الفلسفة  هى  أحد  طرق  الخلاص :
[ و الآن يقول سليمان " إرفع الحكمة فتعليك ، تمجدك إذا اعتنقتها ، تعطى رأسك إكليل نعمة " ( أم 4 : 8 :9) فإذا دعمت الحكمة بلباس الفلسفة ، و بكل ما يلزمها ، حفظتها من هجوم السفساطيين ، طريق الحق إذن واحد و لكنه كنهر دائم الجريان ، فيه تصب جداول المياة من كل جانب ، لهذا قيل فى الوحى " اسمع يا ابنى و إقبل أقوالى فتكثر سنو حياتك ، أريتك طريق الحكمة ، هديتك سبل الإستقامة " ( أم 4 :10 :11) التى تتدفق من الأرض نفسها  ، إنه لم يعدد فقط سبلاً عدة للخلاص ـ لأى إنسان بار ـ بل أضاف أيضاً سبلاً أخرى لأبرار كثيرين ، قائلاً " أما سبيل الصديقين فكنور مشرق" ( أم 4 : 18) فالوصايا و طرق التعليم الإعادى يجب أن تعتبر سبلاً و طرقاً للحياة !][5]

+ و هو يستعير قول الرب عن أورشاليم ليوضح أن طرق الخلاص و الحكمة متنوعة :
[ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا ( مت 23 : 37 ، لو 12 :34 ) ، و أورشاليم تفسيرها رؤيا السلام فهو إذن يبين بالنبوءة أن الذين يتأملون فى سكون الأمور المقدسة يلبون دعوتهم بطرق متنوعة ، فما الذى يريده هنا و لا يقدر عليه ؟ كم مرة و أين ؟ مرتين : بالأنبياء و بمجىء المسيح ، و عبارة "كم مرة" تبين أن الحكمة متنوعة ، و مهما يكن الكم و الكيف ، فإنها تنقذ البعض فى الزمن الحاضر و فى الأبدية ، لأن روح الرب يملأ كل الأرض .]
استروماتا (ف 5 )

 + الفلسفة  خادمة  لعلم  اللاهوت :
يقرر مُعلمنا الأسكندرى فى الفصل الأول من كتاب المتنوعات أن الفلسفة مفيدة للمسيحى إن شاء أن يقف على معرفة محتويات إيمانه ، و أنها أعداداً لعلم اللاهوت كما كانت العلوم الأخرى إعداداً للفلسفة، فهما ليسا خصمين ، بل صديقين متعاونين:

 [ و لكن كما أن فروع الدراسة الجارية تعاون الفلسفة و هى سيدتها ، كذلك الفلسفة نفسها تعمل على نيل الحكمة ، لأن الفلسفة هى البحث عن الحكمة و الحكمة هى معرفة الإلهيات و الإنسانيات ، و أسبابها ، إذن الحكمة هى ملكة الفلسفة كما أن الفلسفة ثقافة إعدادية ، لأنه إذا كانت الفلسفة تنادى بالسيطرة على البطن و اللسان و ما تحت البطن ، فإنها تفضل نظراً لأهميتها الخاصة ، و لكنها تبدو أدعى للإحترام و الرفعة إذا وجهت إلى شرف معرفة الله  و الكتاب المقدس شاهد على ما نقول  ] [6]
ستروماتا ( ف 5)

[ لذلك يكفينا هنا أن نقرر أن الفلسفة تتميز بالبحث عن حقيقة الأشياء و طبيعتها ( هذا هو الحق الذى تكلم عنه الرب نفسه قائلاً " أنا هو الحق " (يو 14 :6) و نُقر كذلك أن التهذيب الإعدادى للراحة فى المسيح يدرب العقل و ينبه الفكر و يولد ذكاء البحث و ذلك عن طريق الفلسفة الحقيقية ، التى يمتلكها المبتدىء ، إذا وجدها أو بالحرى إذا قبلها من الحق نفسه.]

[إذ هى نوع من التعليم الإعدادى بالنسبة لمن يدركون الإيمان بالبرهان]

و هذا التدرج نفسه كان منهج الدراسة فى مدرسة الأسكندرية اللاهوتية ، حيث كان يتدرب الطلاب على العلوم الطبيعية و التجريبية ، ثم يدرسون الفلسفة و الشعر و الأدب ، ثم يرتقون إلى العلوم اللاهوتية .[7]

+ بل أنه يدافع عن الحضارة الهلينستية ضد التفسير الخاطىء لعبارات سفر الأمثال عن المرأة الغريبة موضحاً أن المقصود ليس هو الفلسفة النافعة بل اللذة الغبيية التى للحضارة الدنيوية التى لا يجب أن نلتصق بها إلى الأبد :

[ فإذا زعم أحد متعسفاً أن الإشارة هى إلى الحضارة الهلينستية ، فى القول " لا يلتفت إلى إمرأة شريرة لأن شفتى المرأة الزانية تقطران عسلاً " ( أم 5 :3) فليسمع مايلى  " إنها تلين حلقك للزمان الحاضر " و لكن الفلسفة لا تتملق .

فإلى من إذن يشير الله ؟ و من الذى ارتكب الفسق؟ إنه يضيف مفصحاً " لأن قدمى الحماقة تقودان من يستعملونها ، بعد الموت ، إلى الجحيم ، . لكن خطواتها غير مؤيده " قدماها تنحدران إلى الموت" ( ( أم 5 :5) لهذا تجنبها " ابعد طريقك عنها " ( أم 5 :8) ، تجنب سبيل اللذة الغبية .." و لا تقف عند البواب بيتها حتى لا تعطى حياتك للآخرين " " و لا تقرب إلى باب بيتها لألا تعطى زهرك لآخرين " ( أم 5 : 8 ، 9) ، ثم يقرر: و بعد ذلك تندم فى شيخوختك ، عندما يفنى لحم جسدك" " فتنوح فى أواخرك ، عند فناء لحمك و جسدك" ( أم 5: 11) لأن هذه هى نهاية اللذة الغبية و هذا هو الحال بالفعل
  
و عندمايقول الوحى " لا تختضن إمرأة غريبة" (أم 5 : 20) إنه ينصح لنا أن نستعمل الحضارة الدنيوية فعلاً و لكن لا نبقى معها أو نصرف وقتاً معها ، لأن ما أنعم به على كل جيل لفائدته ، و فى الوقت المناسب ، كان تعليماً إعدادياً لكلمة الله ، لأن قوماً و قد وقعوا فعلاً فى شرك الخادمات الفاتنات ، استهانوا بزوجهم ، أعنى الفلسفة، و شاخوا بعضهم فى الموسيقى و بعضهم فى الهندسة و بعضهم فى علم النحو و أكثرهم فى علم الخطابة .][8]
ستروماتا ( ف 5)

+ يستخدم تشبيه سارة و هاجر ، فسارة رمز الحكمة الكاملة إذ لم تكن قد انتجت ثمراً بعد ، إضطر إبراهيم المؤمن أن يتزوج هاجر الجارية و هى رمزاً للحضارة و الفلسفة البشرية، ثم يقترب ليتزوج سارة و ينجب إسحق، أى يدرك الحكمة الإلهية الحقيقية :

 [ كانت سارة عاقراً و قتاً ما و هى زوجة لإبراهيم ، و لما لم يكن لسارة ولد ، فقد وهبت جاريتها هاجر المصرية لإبراهيم لينجب منها أولاداً  ، إذن فالحكمة التى تسكن فى رجل الإيمان ( و إبراهيم عُد مؤمناً و باراً ) كانت لا تزال عقيمة و بلا ثمر فى ذلك الجيل ، لم تنتج لإبراهيم شيئاً يتصل بالفضيلة ، و قد رأت ، كما حصل بالفعل ، أنه و قد بلغ زمناً متقدماً ، أنه ينبغى أن يُخالط الحضارة العلمانية أولاً ( فكلمة مصرية ترمز إلى العالم ) و بعد ذلك يقترب إليها بنعمة إلهية و ينجب اسحق .

و على ذلك فإن من حصَّل ثقافة قبلاً ، هو حر فى أن يدنو إلى الحكمة و هى سامية ، منها تنبت جنس إسرائيل ، و هذا يرينا ان تلك الحكمة يمكن نيلها عن طريق الثقافة التى بلغها إبراهيم ابتداء بالتأمل فى الإلهيات إلى الإيمان و البر بحسب الله .

لذلك أيضاً عندما غارت سارة من هاجر إذ رأتها مفضلة عنها ، قال إبراهيم ـ و قد تخير فقط ما هو نافع من الفلسفة الدنيوية ـ " هوذا جاريتك فى يدك ، إفعلى بها ما يحسن فى عينيك " ( تك 16 :6) و معناه صريحاً " إنى اعتنق الثقافة الدنيوية كأنها جارية و لزمن الصبا و لكنى احترم معرفتك و اوقرك كزوجة حقيقية ، و قد أزلتها سارة أى وبختها و عاقبتها .][9].
استروماتا ( ف 5 )

+ ثامار أيضاً رمز للفلسفة اليونانية التى تطلع لها يهوذا :
[ و ربما نجد صورة أخرى فى ثامار و هى جالسة على الطريق فى مظهر الزانية ، تطلَّع إليها البحَّاثة يهوذا ( و تفسير اسمه القوى) الذى لم يهمل شيئاً بلا بحث و لا امتحان ، و تحول عنها موجهاً همه نحو الله ]
ستروماتا ( ف 5 )


ثانياً : ما  الفلسفة  إلا  شرارة  من  اللوغوس  و  يجب  أن  تَكُمل   بالإيمان   بالمسيح :

بالرغم من أنه نسب للفلسفة و المعرفة دور فوق الطبيعى إلا أنه يُقرر إذا لم تقترن هذه الفلسفة بالإيمان باللوغوس الذى أوجدها و وضعها فى عقول أصحابها ، فإنها تصبح ناقصة و قاصرة و لا تنفع شيئاً !
فاليونان كان لهم بعض المعرفة الحقيقية عن الله ، و قد كُرز بالإنجيل لمن عاش منهم طبقاً للنور الذى كان لهم ، و لو أن هذا النور باهت إزاء مجد الإنجيل و ضيائه.[10]

و خطابه إلى الوثنيين ، الذى يوجهه إلى رفقائه الفلاسفة، خير دليل على هذا ، فهو يحثهم ليكملوا نظرتهم للعالم بأن يقبلوا المسيح ، فما استوعبوه من معرفه لأسرار الطبيعة و الكون بمحض عقولهم ، يسميه كليمندس " مجرد شرارة صغيرة " يمكن أن تضرم لتصير شعلة ، هذه الشرارة هى آثار "الحكمة" التى وضعها الله فى الإنسان .. لقد وبخهم اكيمندس لأنهم ارتضوا بنظرتهم الدينية التى صورت لهم اللاهوت بهذه الصورة الهزيلة التى علمتهم أياها أديانهم ، مع أن نظراتهم الفلسفية فاقت بمراحل تلك الصورة الدينية الفجًّة![11]

فالإله زيوس ـ حسب أديانهم ـ هو "صورة الصورة" ، أما الإيمان المسيحى فيبشرهم أن الصورة الحقيقية لله هى "الكلمة" ، إذن فصورة الصورة ليست هى التماثيل الحجرية التى تدعو الأديان لعبادتها ، بل هو الإنسان نفسه فى عقله الإنسانى.

لقد صور كليمندس بتعبيرات براقة سمو العقل و الأخلاق فى الطريق المسيحى على كل ما عداه ، حتى على ما استطاع أفخر علمائهم ان يكتشفوه :
[ إن ما خمنه زعيم الفلاسفة فهمه تلاميذ المسيح و أعلنوه ]
الخطاب إلى الوثنيين 11 : 112 :2

فالكلمة بدخوله التاريخ بالتجسد قد حقق كل ما كانت تصبو إليه و تبحث عنه الفلسفات و الأديان المختلفة ، لذلك دعاهم كليمندس أن يقارنوا بين الكتاب الممقدس و هوميروس

[ الفلسفة عظة طويلة عن الحياة ، سعى وراء الحكمة الأزلية ، بينما وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد ، إذن فاقبل المسيح ، اقبل الرؤيا ، اقبل النور ، حتى تعرف الله و الإنسان بالحق ][12]
خطاب إلى الوثنيين 11 : 112 : 1 ـ 2

و بحماس بالغ يواجه كليمندس قارءه البعيد عن الإيمان الصحيح ، ليسمع الأنشودة الجديدة التى ألفها و أنشدها "أورفيوس" الجديد ، أى الكلمة المُشرق من صهيون .فإذا كان  أورفيوس (هذه شخصية أسطورية فى الميثولوجيا اليونانية ) الذى أدعى أنه قادر على أن يقيم زوجته من قبرها بعزف ألحانه و أناشيده الساحرة على قبرها لكى تستجيب و تخرج حية من القبر قد فشل ، فإن المسيح قادر على إحياء و شفاء نفوسنا بتعاليمه الإلهية !

[ إن الحق النسبى الذى تحتويه مقالات الفلاسفة أمر معروف ، أما المعرفة الكاملة غير المشكوك فيها فهى موجودة فقط فى الأنبياء و فوق الكل فى اللوجوس "الكلمة" الذى يقود إلى كل الحق.]

و على أن هذا فقد كان نقده لقصور الفلسفة صريحاً و واضحاً ، فقد قال أن اليونانيين مدينون للعبرانيين فى قصة  " طيماوس " فى الكتابات الوثنية ، و خورس الفلاسفة مدانون لانهم ألَّهوا الكون بدلاً من البحث عن خالق الكون ، لقد كانوا محتاجين لمن يخبرهم أن
[ المشيئة الخاصة لله كانت ان يخلق الكون ، لأن الله وحده صنعه ، فهو الإله الواجب الوجود بذاته ، و بفعل مشيءته خلق الكون ، إذ شاء فأتت الأشياء للوجود ][13]
الخطاب إلى الوثنيين 4 : 63 :3

إن الدين الحقيقى هو تعاليم الكلمة الذى أنبأ به الأنبياء و ظهر مسيحاً و وعد بحياة تحقق أعمق الأمانى البشرية لأنها تؤدى إلى الخلاص و الخلود .و يستعين كليمندس فى كتابه هذا بالفلسفة الرائجة ليهدم أساطير الأقدمين و يُظهر أسبقية العهد القديم على الفلسفة اليونانية فيشارك فى ذلك ما سبقه من الآباء المناضلين !

 [ إذاً الفلاسفة أطفالاً ..
 إلا إذا صيرهم المسيح رجالاً " لأنه إذا كان ابن المستعبدة لا يرث مع ابن الحرة " ( تك 21 : 10 ، غل 4 :30) فهو على الأقل نسل إبراهيم و لو انه ليس ابن الموعد و قد أخذ ما يخصه هبة مجانية "
وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" ( عب 5 : 14) " لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ "( عب 5 : 13 ) و لم يكن يعرف بعد الكلمة التى آمن بها و يعمل الآن وفقاً لها كما أنه لا يستطيع أن يعلل شيئاً لنفسه ][14]
ستروماتا (ف 11)


ثالثاً : الإيمان  هو  أساس  المعرفة  الحقيقية :

بعدما أوضح صلاح الفلسفة الجزئى ، و حاجة الفلاسفة إلى اللوغوس الحقيقى ، كلمة الله الذى سينير عقولهم و حياتهم ، فإنه يحثهم على الإيمان به متجسداً ، هذا الإيمان هو الوحيد القادر على ضبط المعرفة و توجيهها إلى غرضها السليم و المقدس الذى من أجله وضعها اللوغوس فى عقول البشر ، و هو معرفة الله ذاته!

لذلك نجده فى الفصل الثانى من الستروماتا يدافع عن الإيمان ، فجعل الإيمان هو أساس كل معرفة و لا سيما معرفة الله ، و أقرَّ أن بداية الفلسفة و أساسها هى الإيمان ، هذه الحقيقة ذات أهمية قصوى لمن يريد أن يتفهم الإيمان بعقله
 [ الإيمان أسمى من المعرفة و هو المعيار الذى تقاس به المعرفة][15] .
ستروماتا 2 : 4 :15

و يقرر كليمندس فى بدايته و فى أماكن متعدده منه ، أن المسيحية لا يمكن أن تعلم أو أن تُوصَّل بالكتابة ، أو تصير فى متناول كل إنسان مرة واحدة ، إن حقيقتها سرية ، و هى تستعلن تماماً للذين تأهلوا لها و نالوا نعمة من الله ، الإيمان يجب أن يوضع فى المقام الأول لكل إنسان مسيحى جديد و هو يتدنس فقط بسرعة الإعلان عنه !!!

المعرفة التى تؤسس الحياة الحقيقية يجب أن تقتنى بطريقة شخصية ، و يجب أن يصل الإنسان إلى أعلى المستويات فى الإقتناع بها و المسئولية عنها و الإلتزام بكل ما تقتضيه ! المعرفة الكلية لا يمكن أن تقتنى من الكتب و لا يمكن أن تستعلن فى الكتب ، إذ لا يمكنك أن تضع سكيناً حاداً بين يدى طفل صغير !
[ على أن الاقتناع هو وسيلة التوطد فى الإيمان !!! ]

+  لا  يجب  الافتخار  بالمعرفة  العقلية  و  الفلسفة  بل  بمعرفة  الرب :

[" لأَنَّ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ" ( 1كو3 : 8 ، 19) " :«الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ" ((1 كو 3 : 20) فلا يفتخر الإنسان بسمو فكره البشرى لأنه بحق قد كُتب فى سفر إرمياء " لا يفتخر الحكيم بحكمته و لا يفتخر الجبار بجبروته و لا يفتخر الغنى بغناه ، بل بهذا يفتخر المفتخر بأنه يفهم و يعرفنى أنى انا الصانع رحمة و قضاء و عدلاً فى الأرض ، لأنى بهذا أُسر يقول الرب " ( إر9 :23 ، 24) "لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ " (1كو 2 :5) ][16]
استروماتا (ف 11 )

+ الفلسفة  الباطلة  لا  يجب  أن  تعطلنا  عن  الإيمان :

[ يقول الرسول " وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا لِئَلاَّ يَخْدَعَكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ مَلِق " (كو2 :4) " اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ. " ( كو 2 :8) ... انظروا أن لا يكون أحد يسلبكم عن الإيمان بالمسيح ، و ذلك بالفلسفة و بغرور باطل .]
استروماتا (ف 11 )


رابعاً : الفضيلة  هى  أساس  الإيمان :

إذا كانت المعرفة مؤسسة على الإيمان ، فإن الإيمان مؤسس على الحياة الفاضلة و السلوك النقى ، و هذه الفكرة تتجلى فى كتابه "المُربِّى" الذى يضع فيه السلوك المسيحى التقوى كنتيجة مباشرة للإيمان :
[فكما قبلتم يسوع المسيح الرب فاسلكوا فيه ، متأصلين و مبنيين فيه و موطدين فى الإيمان ]

[ و التقوى كالقاعدة للمركب على أساسها يقوم الإيمان الذى به نتهلل و نفرح غاية الفرح و نجحد معتقداتنا الأولى ... لأن التقوى الصحيحة هى وعظ يولد فى سائر ملكات العقل اشتياقاً و حنيناً إلى الحياة القويمة فى الحاضر و المستقبل و لكن بما أن الكلمة سريعاً ما يشفينا و يلزمنا بإتباع فرائضه ، فإذا ما جرينا فى إثر خطواته ، تمم المفروض علينا ، و وعد بتطهيرنا من خطايانا و أهوائنا ][17]
المربى ( ف 1 )

بل يجعلها كهدف أسمى يسعى المسيح إلى تحقيقه من خلال عمله في الإنسان:
[ و لما كان المربى عملياً لا نظرياً ، فهو يهدف إلى إصلاح النفس لا إلى تعليمها و إلى ترويضها على حياة فاضلة لا على حياة عقلية ]

فهو يوضح أن المسيحية يجب ألا تؤخذ على أنها مجرد وصايا و مطاليب خارجية لابد من تتميمها حسب حرف الناموس ، بل هى ديانة كيان الإنسان كله و الاخلاق المسيحية تنبع من النية :
[ كما أن الاتضاع لا يكمن فى قتل الجسد بل فى الوداعة ، كذلك العفة فضيلة النفس أولاً ]
ستروماتا 3 : 48 : 3

يُحدثنا عن التربية التى تقدم للأطفال ، و الذين يسميهم الإنجيل بالأطفال ليس هؤلاء المسيحيين الناقصين كما فى عرف الغنوسيين و إنما هؤلاء الذين فداهم المخلص و اعتمدوا فُولدوا ثانية أبناء الله  ، ففى المعمودية إنارة  و الإنارة تجعلنا أبناء الله ، و إذ نصير أبناء الله فإننا نصير كاملين و بالكمال نصير خالدين .

و هذا هو السبب فى أن شخصية المعلم ذات أهمية استثنائية و لا غنى عنه أبداً فى الحياة المسيحية ، لذلك يحث المسيحيين على أن يكون لهم "مرشد روحى" ![18] ، لأن كل معرفة نظرية يتلقاها من يريد الإنضمام للإيمان ماهى إلا مجرد إعداد ، نوع من التمهيد للمعرفة الحقة و سبق للفهم الروحى الحقيقى ، حتى الكتاب المقدس نفسه الذى يحوى كل الحكمة ، لا يمكن أن يغنى عن المعلم ، فنار الروح تضطرم فقط بنار حية .


+ و هو يوازن بين التعليم النظرى العقلى و بين السلوك المعاش فى حياة الإنسان المسيحى :
[ مربينا عملى ، يعظنا أولاً كيما نحصل على الخصال و الأخلاق القويمة ثم يقنعنا بوجوب أداء و مباشرة واجباتنا بنشاط و يأمرنا بأوامر صريحة ، مقدماً لنا فى ذلك أمثلة بأولئك الذين سبقوا فسقطوا فى الضلال .

 على أن كل من المنهجين مفيد أعظم الفائدة سواء المنهج الذى يتخذ صورة النصح بإلتزام الطاعة ( يقصد التعليم النظرى ) أو المنهج الذى يقدم لنا هذا النصح فى صورة مثال ( يقصد التعليم الحياتى المُعاش ) ، أما النوع الاول فالقصد منه أن نختار الخير و أن نحاكيه ، أما النوع الآخر فإن ننبذ نقيضه و نتحول عنه ، و من ثم يترتب على هذا أن نبرأ من أهواننا إذا ما طرحنا تلك الامثلة عنا ، فالمربى يقوى أنفسنا بل يقود المرضى إلى معرفة الحق الكاملة بواسطة أوامره المقبولة و أطبائه المحبوبين ( يقصد المرشدين الروحيين ) ]

[ كذلك المرضى بنفوسهم ، يفتقرون إلى مُربى يعالج أمراضهم و من ثم إلى معلم يهذب النفس و يقودها إلى المعرفة التى تفتقر إليها عندما تكون أهلاً لأن تقبل الوحى من "الكلمة" ، فإذا كنا نتوق إلى أن تَكمل نفوسنا ، فتتدرج إلى أن تدرك الخلاص و التهذيب الفعال ، فإن الكلمة الكلى الرأفة قد راعى فى ذلك ترتيباً بديعاً هو أن يرشدنا أو يعظنا أولاً ثم يهذبنا ثانياً و يعلمنا أخيراً .][19]
المربى ( ف 1 )

+ الخطية هى العائق الأول أمام الإنسان لكى يصل إلى الغنوسية الحقيقية حيث يصف هذه التى تفصل الإنسان عن خالقه بأنها "ضد العقل" :
[ أن الخطايا المقصودة الإرادية هى التى تضاد العقل ّ ، و هو يدعو الفعل غير الإرادى مفاجئاً ، أما الخطية فيدعوها "مضاده للعقل" و على ذلك فالكلمة أى المربى قد صار نائباً عنا لينقذنا من الخطية التى تضاد العقل ][20]
المربى ( ف 2 )

[ إن المؤمنين كمثل أطفال فى الروح (هذا هو الأساس فى حياة المؤمن وسط العالم الوثنى )، المثل الأعلى للمسيحى هو البساطة و السجيَّة ... فليتميز المسيحى بالهدوء و السكون و السلام ][21]

+ أهمية  الجهاد  الروحى  مع  المعرفة :

[ و يقول الفيلسوف أفلاطون " الفضيلة لا تعشق الصبيان" . و كفاحنا تبعاً لجورجياس ليونتينوس يتطلب فضيلتين : الجرأة و الحكمة ، الجرأة لإحتمال الأخطار  ، و الحكمة لفهم المعميات . لأن "الكلمة اللوغوس " بمثابة النداء الأوليمبى يدعو من يريد و يتوج من هو قادر على مواصلة الجهاد بثبات حسبما يقتضيه الحق .

و الحقيقة أن الكلمة لا يرغب فى شخص أراد لنفسه الكسل و البطالة ، لأنه يقول " اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ" (مت 7 :7) و الطلب يفضى إلى الإيجاد ، إنه ينكر العبث الذى لا طائل تحته ، و يدعو إلى التامل الذى يثبت إيماننا .]

حقاً قد كان كليمندس مهتماً بشغف بكل الفلسفات و الديانات السرية و الغوامض القديمة ، حتى و هو يفندها ، و كان يرى المسيحية ليس فقط أنها فلسفة ، بل حقيقة و قوة سرية تغير و تعلى كل كيان الإنسان .


خامساً : الكمال المسيحى :

 بعدما إجتاز الإنسان فى إختبارات المعرفة ، و الإيمان ، و الحياة التقوية ، فإنه يكون مستحقاً أن يصل إلى قمة الغنوسية المسيحية و هو الكمال ، فالمسيحية رفعت طموح الإنسان فجعلته مشابهاً لله ، و يجد مثله الأعلى فى الله ذاته !! فالإنسان الكامل يصير مماثلا للأصل الذى خلقه .. يتحول إلى المسيح نفسه ، و يمتد إلى الخلاص و الخلود و التأله ، على النحو الذى أوردناه فى مقال آخر .

نجده يصف حالة الغنوسى الحقيقى ، هذا المسيحى (الذى يلقبه أيضاً بالفيلسوف) الذى ذاق معرفة الله الحقيقية و يحيا في ملىء حياة الكمال التى هى مشابهة الابن الوحيد ذاته بالكلمات الآتية:
[ قد تجده مسافراً أو مختلطاً مع الناس يقرأ أو ينهمك فى عمله ، لكن حياته كلها بالأساس هى صلاة دائمة لا تكف ، محادثة مستمرة مع الله ، حياة المسيحى عيد دائم ... صراخه و جهاده نحو الله ، حتى و إن لم يًعبَّر عنها دائماً بالكلمات  ، لكن دائماً يسمعها الله .. .]

[ الغنوسى المسيحى الحقيقى  لا يعود يعيش من أجل نفسه ، و إذا كان فى حال الكمال المبارك ، فإنه بمحبته لله يحيا الحب الإلهى فيه ، و يصير صورة المسيح الحية الفعالة ، فينزل بفرح إلى رفقائه البشر الذين هم مثله تماماً ، يدعوهم كلهم إلى العلى ، و من خلاله يدخلون ملكوت معرفة الله .][22]

الغنوسى المسيحى هو الذى يدرك حالة تخلو من الإنفعال خلواً تاماً ، كما أنه يصل إلى معرفة أسرار كثيرة لا تعلن لغيره .[23]

الغنوسى المسيحى الحقيقى هو وحده الذى يعبد الله بحق إنه يجاهد ليصير شبيهاً بابن الله و ليس كذلك الوثنيون الذين صنعوا آلهتهم على أشباههم .[24].

الغنوسى المسيحى الحقيقى هو الذى يتصف ببذل النفس ، و الحب و الاحتمال و الاستعداد للإستشهاد ، إن الغنوسى المسيحى يعلو على الخوف إلى ذلك الكمال الذى يتوافر فى المعرفة و محبة الله .[25].

هذا الكمال الذى يقوم على النسك و التبتل و محبة الله غير موجود عند الغنوسيين الهراطقة ، و يبلغ إليه الإنسان عندما يصل إلى أعلى مستوى من المعرفة ، حيث أن العارف الكامل لا يعود فى حاجة إلى المعلم البشرى ، لأنه صار مرتبطاً مباشرة بالله الكلمة .

+ حالة   الكمال هذه   لا  تحدث  إلا  داخل  الكنيسة :

بالرغم من الخلفية الفلسفية الأفلاطونية التى كان يتمتع بها المُعلم الأسكندرى العظيم ، إلا أننا لا يجب أن نغفل تقليديته و إتجاهه الكنسى ، لا يجب أن ننسى أن كل هذا البناء الراسخ الذى اهتم بأن يشيده فى كل كتاباته هو أساساً لخدمة الكنيسة و عقيدتها القويمة ، فقد كان يعتبر نفسه خادماً و إعتبر أن رسالته فى الحياة هى أن يقود الناس للمسيح ، صحيح أنه لم يكن معلما شعبيا وسط الكنيسة لكنه كان راعياً متمرساً فى خدمة النفوس
 
[لنكمل فى نفوسنا جمال الكنيسة ، كأبناء صغار نحو أمنا الصالحة عندما نكون سامعين للكلمة .. فإن الإنسان يتقدس كإبن لله و يتسلم و هو على الأرض التعليم الذى يجعله مواطناً سماوياً ][26]
فالكنيسة هى التى تدعو أولادها إليها و تغذيهم باللبن المقدس الذى هو الكلمة  ، فهى والدة المربة ، و هى المدرسة التى يقوم عريسها يسوع بالتعليم .[27].

+ + + + + + + + + + + +

أخيراً :

+ أصل المعرفة و أساسها هو كلمة الله اللوغوس ، و هو الذى وضعها فى الناموس و الأنبياء اليهوديين، كما فى الفلسفة و الشعر اليونانيين ، و كما فى أى فكر و منطق و صناعة و فن .
+ خطأ أن نظن أن المعرفة هى إنسانية خالصة ، فهى أولاً و قبل كل شىء معرفة إلهية وضعها الله فى الإنسان ، نافعة له ، و هى تقوده لهدف أسمى و هو معرفه الخالق بشكل أعمق و أكثر وضوحاً  و استعلاناً.
+ هذه المعرفة يجب أن تَكمُل بالإيمان المؤسس على السلوك الفاضل و تتميم الوصايا ، فالمسيحية ليست مجرد كلام و حبك فلسفى مقنع ، بل حياة ! ،كما أن هدف الله اللوغوس لا أن يُشبع العقل فقط ، بل كيان الإنسان كله !
+ فى النهاية سيصير الإنسان كاملاً ، خالداً ، مؤلهَّاً ، عارفاً حقيقياً لذاته ، و لخالقه أيضاً ، لذلك نجد كليمندس يقول فى كتاب المربى :[28]

 [ هكذا  يتضح  أن  أعظم  الدروس  كلها  هى  معرفة  الإنسان  لذاته ، لأنه  إن  عرف  الإنسان  ذاته ...  سيعرف  الله ! ]   

شكراً مُعلِّمى كلميندس!!!
تم بنعمة الرب .



[1] الدراسات الفلسفية / لنيافة الأنبا غريغوريوس صـ 229
[2] دراسات فى آباء الكنيسة / لأحد رهبان برية القديس مقاريوس صـ 176
[3] الدراسات الفلسفية / لنيافة الأنبا غريغوريوس صـ 242
[4] ترجمة نيافة الأنبا غريغوريوس / الدراسات الفلسفية صـ 242
[5] الدراسات الفلسفية صـ 243
[6] يشاركه فى هذا الفكرة فيلو اليهودى أيضاً.
[7]الدراسات الفلسفية / لنيافة الأنبا غريغوريوس صـ 43 ، نظرة إلى علم الباترولوجى صـ 70
[8]نفس  المرجع السابق صـ 243
[9]الدراسات الفلسفية صـ 244 ، 245
[10]الجزء السادس من الاستروماتا صـ الدراسات الفلسفية صـ 230
[11]دراسات فى آباء الكنيسة صـ 175
[12]دراسات فى آباء الكنيسة ـ مرجع سابق.
[13]يعتبر العلماء أن كليمندس هو أول لاهوتى مسيحى يثبت وجود الله و قدرته من خلال العقل.
[14]الدراسات الفلسفية صـ 247
[15]محاضرة عن كليمندس الأسكندرى / للدكتور نصحى عبد الشهيد / دراسات فى آباء الكنيسة ـ صـ 174
[16]الدراسات الفلسفية / نيافة الأنبا غريغوريوس صـ 246
[17] ترجمة الأنبا غريغوريوس / الدراسات الفلسفية صـ 235
[18] دراسات فى آباء الكنيسة صـ 179
[19] ترجمة نيافة الأنبا غريغوريوس / الدراسات الفلسفية ص ـ 235 ، 236
[20] ترجمة نيافة الأنبا غريغوريوس / الدراسات الفلسفية صـ237 
[21] دراسات فى آباء الكنيس / مرجع سابق صـ 178
[22] دراسات فى آباء الكنيسة صـ 180
[23] الجزء السادس من الستروماتا ـ الدراسات الفلسفية صـ 230
[24] الجزء السابع من الستروماتا ـ الدراسات الفلسفية صـ 230
[25] الجزء الرابع من الستروماتا _ الدراسات الفلسفية صـ 229
 [26] نظرة شاملة إلى علم الباترولوجى فى القرون الستة الأولى / الأب تادرس يعقوب ملطى صـ 69
[27] محاضرة عن القديس كليمندس الأسكندرى ، د/ نصحى عبد الشهيد ـ المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية.
[28] نظرة شاملة إلى علم الباترولوجى فى القرون الستة الأولى / الأب تادرس يعقوب ملطى صـ 69

No comments: