Monday 7 January 2013

لاهوت الإرتقاء / مقاربة مسيحية فى فلسفة التاريخ



لاهوت الإرتقاء
مُقاربة مسيحية فى فلسفة التاريخ

[ لا يؤتى التاريخ ثماره الحقيقية إلا فى الإنتصار للمبدأ الإلهى فى الإبداع الإنسانى الحر ، و هذا ما تقتضية الطبيعة الإنسانية الإلهية للعملية التاريخية ]
الأب سرجيوس بولغاكوف .
...

أخذوه ، توجوه ، ألبسوه ردائاً أرجوانياً كأنه ملك ، و أروه للعالم جريحاً قائلين " هذا هو الإنسان" .. هذا هو إنساننا !
أولى الجراح كانت على يد كوبرنيكُس عندما أعلن أننا لم نعد مركزاً يدور حوله الكون بمنتهى الزهو ، الثاني كان مع داروين حينما سقط جلال أصلنا من إله يجبلنا فى وقار إلى بكتيريا متطورة ، الثالث عندما "مات الله" فى عالم الأخلاق و القيم و النُبل و الجمال على يد نيتشه ، فالرابع عندما لم نعد فى حاجة بعد اليوم إلى الله لتفسير وجودنا فى الكون على يد ستيفن هوكينغ ، حتى وصلنا إلى "الإنسان الأُحفورة" ، التى أعلنت موته الفلسفة البنيوية كما كتب مُنظِّرها كلود ليفى ستروس ، هنا قد بلغت جراحنا خمسة كجراح المسيح ، و مع ذلك ... ينبغى لـ"إنسانى" ألا يكُف عن أن يكون مسيحياً !
...


ما هى مسيحيتى ؟

[ حقيقة المسيح هى وحدها القادرة على بعث الإنسانية ]
فلاديمير سولوفييف [1]
أعتقد أن السؤال الجوهرى الذى يُطرح على مسيحيتى ، هو : كيف يمكن أن يكون شكل تجربتنا البشرية  humanistic experience فى وضعها العينى concrete هنا و الآن،  أى فى كوّننا و مجتمعنا و تاريخنا هذا؟ و كيف يُمكن لإيمانى بالتجسد أن يُشكل وعيى تجاه وجودى و وجود العالم و كل الأمور الحاضرة فيه ؟
طرح تلك الأسئلة يفترض ضمناً أن المسيحية ليست مجرد نظرية للتكفير ،لأن هذا يجعل تجسد الله حادث عارض فى التاريخ نتيجة الخطية و سقوط آدم ، الأمر الذى يقود أيضاً إلى إعتبار الإنسان مجرد حادثة ناتجة من محبة الله و نعمته فقط بدون أى غائية أو قيمة فى حد ذاته ، من المؤسف القول أن تلك النظرة السائدة لا تُمثل إيمان الكنيسة الاولى حيث التجسد ظاهر منذ البدء فى تدبير الله للبشرية كغرض من خلقة الإنسان ، هو عملية كونية و أنثروبولوجية  process anthropologic and cosmologic فى المقام الأول مثلما هو عملية وجودية تُنبئنا بغنى الحضور الإلهى فى مفارق خبراتنا الحياتية .
كإنسان مسيحى أؤمن أن يسوع ليس مجرد شخص جاء ليتألم و يعود بعدها إلى عالمه ، أو فكرة مجردة نحصرها فى كنائسنا لنا نحن فقط و كأننا "خاصة" ، لا ... الابن هو المعنى لكل شىء ، كل دقائق الوجود ، كل حركات التاريخ ، و ذرات الكون تتحرك نحو هدف وحيد و هو التأله ، مشابهة الله ، و الإتحاد به ، ... فى الابن يقوم كل معنى الوجود و الكل يتحرك تجاهه و له ليكون "ابناً "... المسيحية كروح تتغلل فى العالم لتخلقه مسيحاً واحداً قدوساً يقدم نفسه للآب بلا عيب .
إذا أدركنا هذا حينئذ يمكننا أن نبنى تصوراً مسيحياً للتجربة البشرية ، و معناها ، و على أى شكل كامل ينبغى أن تكون ، فمسيحيتى ليست مجرد "مُعطى"، بل هى مهمة نحققها فى تلك الحياة و هى جَعل العالم إلهياً ،لذلك فالبشرية لا ينبغى أن تتلقى النعمة و الحق فقط من الله بل تسعى إلى تحقيقهما فى واقعها التاريخى ، المسيحية ليست فقط ديانة للخلاص الفردى بل هى دعوة لكى يتجلى الإنسان و المجتمع و العالم و الكون كله فى الابن .

. . .
الإنفتاح على الألوهـــه

الإنسان موجود فى التاريخ ، كائن- نحو – العالم Sein-im-welt بحسب تعبير مارتن هيديغر ، لكن كيف يجب لهذا الوجود التاريخى أن يكون ، فى ضوء إيماننا المسيحى بالتجسد ؟
وفقاُ لإيمان الكنيسة، المسيح هو المثالmodel  /Prototype  / Archetype  الذى يتحرك الإنسان نحوه  to  kaq omoiwsin   ، و الإنسانية مدعوّة لتكون "مسيحـاً" أى على صورة هذا الابن الوحيد الذى صار بشراً ، و الذى فيه  تجتمع الألوهية و الإنسانية معاً بلا انفصال فى الغرض أو افتراق فى العمل ، هكذا أفهم مسيحيتى ، أنها دعوة للإنسانية – فى جمعيتها – أن تدخل فى إتحاد مشترك حر free co-uniting مع الله ،إذا كان يسوع هو انفتاح البشرية على الألوهية ، فالبشرية كلها مدعوة أن تُشكل تاريخها ( وجودها العام أو الجمعى ) و تبنى حضارتها فى مقابل هذا الإله المُلطق الذى يدعوها إلى الصلاح ، و الذى فى أبديته وحدها ستجد المعنى الحقيقى لكل ما تنجزه و تُبدعه .
لذلك ، لا يمكن تصور قيام إنسانية ـ بحسب المفهوم المسيحى ـ إلا فى هذا الإتحاد مع الألوهه ، و هو إتحاد حر لا مفروض على الله و لا على الإنسان ، لذلك ينبغى أن تتم بشركة الإنسان فى العمل الإلهى من أجل بناء ملكوت السموات.


. . .
التاريخ ... و الثيـــؤفانيا

"التاريخ هو ظهور الله" ، تلك الفكرة ليست بعيدة عن التراث اللاهوتى ، بحسب إيريناؤس فإن التدبير الإلهى للبشر يقتضى التغير و الحركة ، لذلك فإن نظرته للتاريخ قد انطلقت من كونه مجموعة من التدبيرات الإلهية التى تُجمع فى تدبير شامل ، التدبير الإلهى الكونى صُنع من تدبيرات أصغر متنوعة من الأحداث التى تشكل التصرفات و التوجهات المختلفة التى منحها الله [2] .
فى التاريخ يقوم الراعى الصالح بجميع "أعماله الخلاصية " لكى يقود الإنسان مرة أخرى إلى حظيرته ، تلك الأعمال تنتمى للتاريخ و لكن لا يُجرى تعريفها و تحديدها فى مسارات الأحداث المفردة ، و أعمال الله تلك تعطى معنى لكل قصة البشرية و تشير إليه و تُرى فقط من خلاله ، فهو الذى يتحرك مباشرة تجاة العالم .
كذلك فإن القيم الإنسانية مثل العدالة و الصلاح و الحكمة ـ  غير قابلة للإنفصال عن أصلها الإلهى ـ فإن الله يثبتها فى الخليقة و التاريخ [3] لذلك فإن حضور الله الآنى أو الفورى The immediacy of God يظهر فى التاريخ ، و يجد ذروته فى التجسد و كأنه قمة جبل الزمان .
أى أن التاريخ هو موضوع لتدفق خطة التدبير الإلهى ، فنفس الإله الواحد كُلى الصلاح الذى خلق آدم و رسم الفردوس هو الذى أرسل الطوفان و أنقذ نوح ،  هو الذى أرسل يسوع المسيح و الرسل و دعى الكنيسة[4] ،فإن صلاح الله يتخلخل فى كل أحداث التاريخ .

يلتقى إيريناؤس فى هذا – عبر إختلاف الزمان و المكان و الظرف الثقافى – مع هيجل الفيلسوف الألمانى المثالى ، فلسفة التاريخ لدي هيجل تتميز بطابع ميتافيزيقى ، يقوم على أنه ليس ثمة كثرة فى الوجود بل الوحدة هى الأصل ، فالزمان ليس وحدات مستقلة ، فذلك وَهم يعبر عن عدم المقدرة على رؤية الكل ، و لا يُعبِّر المكان عن استقلال المجتمعات ، إذ أن ذلك من شأنه أن يجعل أحداث التاريخ غير ذات دلالة أو معنى بل مجموعة من المطامع و المطامح تُذبح على هيكلها سعادة الإنسانية ، أما عن الوقائع التاريخية أو الشخصيات المفردة فهى وسائل لقوة أعظم و أعمق ، تسوس الكون و تجعل مسار التاريخ معقولاً و مُحكماً ، فكل شىء يتم وفق العقل الكلى أو روح العالم   Weltgeistالتى تسرى فى أرجاء هذا الوجود المطلق ، [ فإن كان الله هو مالك العالم ، فإن مجال ملكه الحق هو التاريخ  ]
تهدف الروح إلى تحقيق حريتها خلال مسار التاريخ و ذلك بمحاولتها البلوغ إلى مرتبة الوعى الكامل بذاتها ، و لا تكشف عن وعيها الذاتى بالحرية كما تكشفه فى التاريخ ، فهو يعبر عن تقدم الوعى بالحرية ، تلك الحرية وفقاً لهيجل تتحقق فى الدولة بإعتبارها تمثل تموضع الروح أو الفكرة الإلهية متجسدة على الأرض و التجلى النهائى للطبيعة الإلهية !

تاريخ الروح هو تطور عبر الزمن بواسطة أفعال البشر و الدول و الحركات التاريخية العالمية، فبينما تبدو أفعال أفراد التاريخ حرة ، فإن المبدأ الكامن وراء تصرفاتهم يتصف بالضرورة ، و هذا هو الجدل كما يتحقق فى التاريخ ، أفعال البشر تصدر عن إرادتهم الذاتية و لكن جوهر تلك الأفعال عملياً تنجز هدف روح العالم ،مثلاً موت المسيح لم يكن حدثاً منعزلاً بل فى "التاريخ الإلهى الأبدى "
 و مسار التاريخ يكشف عن التقدم سواء فى المظاهر التكنولوجية أو العلمية و هو يشير إلى تقدم الروح نحو تحقيق كمالها ، و يتم ذلك عن طريق الديالكتيك [5] أو "المنطق الجدلى" الذى يكشف عن ديناميكية الوجود و سر حركة التاريخ ، و منطق التعاقب الإرتقائى التدريجى فى وقائعه ، فالتاريخ تطور الروح فى الزمان كما الطبيعة تطور الروح فى المكان .

هيجل يبدى تلك الدفعة الإلهية فى التاريخ ، فى شروط الجدل ، حيث أن العودة إلى إعادة التوافق بين الله و الخليقة هى العودة إلى الله نفسه بإعتباره الروح من خلال قيامة المسيح ،
هذا تبرير لفعل الروح ـ أو بالأحرى الله ـ فى التاريخ ، و هى تفسر مسرى الروح فى التاريخ العالمى ، إن كل ماحدث فى التاريخ فى جوهرة يشكل صميم فعل الله .
. . .
بالطبع ، فإن مقاربات فلسفة التاريخ تلك التى نجدها عند إيريناؤس و هيجل – و أوريجانوس كما سنقرأ فيما بعد[6] - هى مقاربات ذات لغة "مثالية" تركز على دور الله أو العالم الروحى السمائى و لا تُعطى الإهتمام الواجب للدور الإنسانى الحر فى تشكيل تاريخه ، لذلك فقراءتنا لتلك المقاربات هى على سبيل التأكيد على حضور الله فى التاريخ الذى يقوم بدعوة الإنسان للدخول فى عمل مشترك   Synergia  لتشكيل الواقع ، لكى يكون أيقونة الأبدية .
.  .  .
تليولوجيا التاريخ المسيحية

أحدثت المسيحية تغييراً فى النظرة الفلسفية للتاريخ فى عصرها الأول ، فقد كان من المألوف بالنسبة لفلاسفة اليونان الحديث عن "دائرة  الزمن" cyclic time ، قال أرسطو " بالنسبة للزمن ذاته فإن يُمكن تصوره كما لو كان نوعاً من دائرة " و كان يقصد الزمن من الوجهة الأنطولوجية و فلسفة التاريخ [7] فالزمن عند اليونانيين هو أدوار متكررة ، لذلك فهو حقيقة دونية و غريبة عن الإبداع ، نفس الأمر فى الفلسفة الخلدونية [8]حيث التعاقب الدورى للحضارات .
أما فى المسيحية و من قبلها اليهودية ففى ظل الإيمان بإله واحد حقيقى، لم يعد الزمان مؤلهاً ، و لم تعد دورات الزمان هى التى تضع المقياس للحياة و الطبيعة، و أسقط الزمان نفسه عن عرشه ، حسبما قال مولتمان فإن تلك النظرة المسيحية تجد خلفيتها فى التاريخ المقدس حينما كان يُطلق الله وعداً فينتظر الشعب تحقيقه ، فالنظرة البشرية هنا مُركزة نحو نقطة عينية مستقبلية تترجى إتمام هذا الوعى الإلهى فى التاريخ ، فهناك هدف "أرقى" يتحقق فى داخل التاريخ بدون أى تكرار ممكن ، هذا الوعد بالمسيّا هو الذى أعطى الطابع الغائى Teleological   للتاريخ و هو ظهور الابن بالجسد .

[ بينما مجال الحقيقة فى المعنى اليونانى المكان المغلق بشكل كامل ، فمجالها عند إسرائيل هو الزمان المفتوح الذى يسيل بدون شكل .
هناك دائرة الكون التى ترجع إلى ذاتها ، و هنا خط الخلق المتجة إلى مالا نهاية ]
هناك عالم النظر و التأمل و هناك عالم الإصغاء و الإدراك
هناك الصورة و شبهها ، و هناك القرار و الفعل
على نقيض الهدف المكانى و هو الكمال ، هناك هدف التحرر الذى يتحقق فى الزمان ]
م. سوسمان [9]

بحسب أوريجانوس فإن حركة تطور التاريخ كانت مُقادة بوعد الله ، و أيضاً من خلال الأمل و الرجاء و التوقع لحدوث هذا التجسد [ و لكن ألا تتعجب من تلك الشهادات عن الله القدير التى نطق بها الأنبياء، ليس بعد ظهور يسوع لكن قبلما يأتى إلى الحياة الإنسانية ، حتى يمكنك الوقوف فى رهبة أمام  الأنبياء الذين تلقوا الوحى الإلهى .. أن ظهوره فى الحياة البشرية قد سبق و أُعلن بترقُب قبله بسنوات كثيرة ، بواسطة رجال عدة، لذلك فإن كل الأمة اليهودية كانت مُعلقة على توقّع مجيئه ، هذا الذى ترجوا أن يـأتى ] [10]
تقدم التاريخ بحسب فكر أوريجانوس كان يُقدم على أنه تطور حقيقى فى دراما التاريخ ، فهو عملية تطور فعلى فى العالم ، و حقيقة زمكانية ترتبط بقوة بالمستقبل ـ هو واقعاً و ليس مجرد تجربة ذاتية شخصية ، مدفوعاً بهذا "الهدف " الإلهى ، أى ظهور الابن بالجسد .

.  .  .
إلى أين تسير إنسانيتنا ؟

تُمدنا بعض المدارس الفلسفية بإستقراءات خصبة تؤكد النظرة المسيحية فيما يتعلق بالعملية التقدمية للتاريخ ، بدايةً من بعض الفلاسفة اليونانيين ، أمثال بروتاجوراس و أبيقور و الهلينيين مثل سينكا ، حيث البشر يقتربون شيئاً فشيئاً إلى تحقيق النموذج الأمثل للحياة التى يحاذون فيها الكمال ، مروراً بالفيلسوف المسيحى"باسكال: [ إن تعاقب البشر خلال القرون الطويلة المتلاحقة يجب أن يُنظر إليه كوحدة مستمرة تزداد معارفها بصورة مضطردة ] ، كما أعلن ديكارت إيمانه بإمكان تحقيق الإنسان للكمال ، و كذلك بيكون و ليبنتز .
 لكن الشكل الأكثر إكتمالاً لنظرية تقدمية للتاريخ كانت على يد مفكرى عصر التنوير فى القرن السابع عشر ، فالتاريخ الحق هو تاريخ الفكر الذى يكشف عن تقدم العقل البشرى، و من ثمّ أصبحت وحدة الدراسات التاريخية هى الحضارة ، و هى النظرة التى نشات تأثراً بنظرية التطور الداروينية فى الطبيعة، و بالتالى فمسار التاريخ لابد أن ينطوى على تطور نحو ما هو أسمى ،و يهدف أصحاب هذا المذهب إلى استبدال الفردوس الدينى الاسخاطولوجى بفردوس تاريخى ، بحسب فولتير فإن التقدم هو إنتصار قوى النور على الظلام حيث العقل هو المرشد ، لكن التقدم ليس متصلاً و حركة التاريخ ليست صاعدة دائماً ، التفاؤل هو فقط فى العقل الذى يستطيع من خلاله التاريخ مواصلة التقدم عن طريق العلوم و الإكتشافات . و أما كوندرسيه ( 1743 – 1794 ) فيستعرض فى كتابه " مخطط تاريخى لتقدم العقل البشرى" أطوار تقدم الحضارة البشرية من البدائية و عصور الرعى و الزراعة إلى ظهور الفلسفة و العلوم إلى إعادة بعثها من جديد فى العصر الحديث حتى ظهور بيكون و جاليليو و ديكارت ، فإنه [ لم يكن هناك قط أى حد نهائى  لإكتمال القوى و الملكات الإنسانية ، و أن التقدم نحو الكمال لا يخضع إلا لعامل الزمن ] ، أثرت أفكار كوندرسيه بشكل مباشر فى ترجو  [ أن النوع البشرى فى مجموعه يسير دائماً و لو بخطوات بطيئة نحو تقدم أعظم ]
إذا ما انتقلنا إلى إيمانويل كانط نجده يقرر أن عدم استقرار الإنسان هى وسيلة الطبيعة - و هو اللفظ الذى استخدمه ليُعبر عن الله – من أجل تقدم الإنسان ، و أن للطبيعة هدفاً لا يمكن فهمها بدونه ، و غائية التاريخ تلك يحققها النوع الإنسانى ككل لأن حياة الفرد قصيرة و لا تمكنه من استجلاء معنىى التاريخ فتكفل له الطبيعة تسليم تراثه الفكرى إلى أجيال أخرى تتكاتف فى سلسلة طويلة .[ فما قيمة إطراء حكمة الخالق فى مملكة الطبيعة مع اليأس فى عنايته و حكمته فى تاريخ الإنسان؟ ] ، حيث تكشف الظواهر فى عالم الطبيعة أو عالم الإنسان عن إطراد ونظام ، أن مسار التاريخ يبدو كما لو أن هناك عقلاً يدبره .. أحداث التاريخ التى تبدو فوضى تعبر عن نظرة إلى الظواهر من خارج ، أما التغلغل فى باطن أحداث التاريخ فيكشف عن سر النظام فيه و هذا يتعلق بالأشياء فى ذاتها، الكشف عن النظام و الإطراد فيما وراء ما قد يبدو فوضى .

. .  .
لماذا تسير إنسانيتنا على هذا النحو ؟

لكن .. إذا كان ثمة إرتقاء فى مسرى التاريخ كما تخبرنا الفلسفة، فهل يكون لهذا التطور الإنسانى الحضارى فى نطاقه الزمنى علاقة بتدبير الله الخلاصى ؟ أى هل ثمة إرتباط بين هذا الإرتقاء و بين النظرة المسيحية لتطور التاريخ توقعاً لاستعلان الابن فى الجسد ؟
القول أن "تاريخ الخلاص " منفصل عن "تاريخ الإنسانية العام" هو فصل لعمل الله عن خليقته ، و نفى العلاقة بين "التطورين " على المستوى الحضارى و اللاهوتى ،نسف لعقيدة "خلق الإنسان على صورة الله و شبهه" ، و جعل النظرة المسيحية لتطور التاريخ قاصرة فقط على المجىء الأول للابن يطمس رجاءنا الإسخاطولوجى فى الحياة الأخروية مع الله إلى الأبد !

إرتقاء الحضارة هو مظهر لتطور أعمق يحدث على المستوى الوجودى للإنسان نفسه ، فتلك النظرة المسيحية للتاريخ صيغت فى علاقة وثيقة مع عقيدة الخلق ، الذى شرحه آباء الكنيسة اليونانيين ـ بلغة أنطولوجية ـ أن اللوغوس له خطة فى تطور الإنسانية بشكل خاص فى منحنى صاعد نحو الالإتحاد به ، و هذا هو سبب خلق الإنسان على صورة الله و مثاله ، و لما تغربت الإنسانية عن أصلها و شوهت نفسها كصورة الله ، و أخذت معها كل الوجود إلى الإضمحلال ، جاء اللوغوس و أعطاها الحياة مرة أخرى فتواصِل الإرتقاء الحقيقى نحوه صعوداً إلى التأله حتى نبلغ الحياة الأبدية ، و الإنسان يرتقى نحو المسيح بإعتباره نقطة الأوميجا Omega point ، هذا التطور الإنسانى كان جوهر "التاريخ الثالوثى" بحسب تعبيير القديس إيريناؤس .

الله أعطى الإنسان ملء الحرية فى تشكيل واقعه ، لكن إندفاع الإنسان نحو الخلق و الإبداع بحسب المفهوم المسيحى إلهياً بأكثر إمتياز ، و هو ينبع من حقيقة أن الإنسان هو صورة  Εικόνα صورة الله ( الابن) ، فهذا التفجُّر الإبداعى للبشرية ، و إن حدث بملىْ إراتدها فى تفعيل قواها و مواهبها ، إلا أنه ليس إبداعاً منغلقاً على ذاته ، أى ينبع من الغنسانية و يرتد إليها و حدها ، لأنها بذلك ستكون قد فقدت "الىخر" الذى هو الله ، و فى نفس الوقت فإن الإبداع الإنسانى فى تطوير الحضارة ليس مجرد حقيقة أبدية تتجاوز واقعنا ، بل هى عمل و رسالى يجل على الإنسان إتمامها ، فالتاريخ يحثث إرادة الله من الخلق ، و هو تحقيق لحرية البشر و صورتهم الإلهية تدريجياً ، لذلك فإن مسار التاريخ له بداية "أركيولوجيا" فى الخلق ، و له نهاية "إسخاتولوجيا" نستعجلها نحن البشر بعملنا الخلّاق فى التاريخ .

فى اللاهوت الآبائى كان التعليم بالخطية الأصلية مهمل و كان الأمل مفتوحاً للجميع ، السقوط لم يطمس الصورة الإلهية فى الإنسان أو يلغيها بل فقط شوهها ، و هى تستعيد بهاءها و تَكمل تجديدها فى يسوع الابن ، هذا يفتح الطريق أمام الفكر المسيحى صياغة لاهوت متفائل Optimism إنسانياً ، حيث تقدم الإنسان هو عملية إنفتاح تدريجى / ديالكتيكى على الإمكانات الإلهية الأبدية المتاحة للطبيعة البشرية فى دعوتها لتكون على صورة الله و مثاله . كل تاريخ العالم يظهر فى هذا التوليف synthesis بين الإلهى و البشرى .
الأمر يتطلب تخليص النظرة المسيحية للتاريخ من كل العناصر الأغسطينية[11] التى علقت بها نتيجة التأثر بالفكر المثالى كما أنتجته الأفلاطونية و الأفلاطونية الحديثة ، حيث عالم المُثُل هو الأصل و النموذج لكل شىء ، و ما التاريخ البشرى إلا إنعكاساً و صورة له ، و هى أيضاً متأثرة بالنظرة اللاهوتية اليونانية حيث الأحداث التاريخية هى ترجمة بشرية لإرادة الآلهة ، فالبشر أداة فى يد الآلهة لتحقيق مشيئتها فى التاريخ .

.  .  .
خلاص التاريخ بحسب إيريناؤس

[ استجمع ثانية فى نفسه كل تاريخ الإنسان ، مُجملاً الخلاص و مُقدماً إياه لنا ] [12]
ايريناؤس صاحب صيت ذائع فى نظرته التطورية للتاريخ ، و وفقاً لعقيدته "الإنجماع الكلى فى المسيح" Recapitulation -  ανακεφαλαίωσίσ قدّم رؤية واضحة عن "خلاص التاريخ" فى معارضة صريحة للغنوسية ، و ذلك فى أول قسمين و نصف من كتابه Against heresies  [ فإن الكون و التاريخ قد احتُضنا و  أُعطى لهما شكلاً و نظاماً ، و شفيا و افتُديا ]
تبعاً لذلك فإن للتاريخ طابع وحدوى يستمد من وحدة الإنسان و الكنيسة ، و وحدة الثالوث الذى يسبق التاريخ و الخليقة  [13]، و هو"تاريخ مستمر " لأن له شكلاً مميزاً غائياً بالمسيح الذى هو هدف كل النبوات ، فنحن نستطيع أن ندرك استمرارية التاريخ تحت يد الابن ، الذى كان من أجل الآب يدير و يُكمِّل كل الأشياء منذ البدء إلى النهاية ، و الذى بدونه لن يعرف أحد الله  ،  لذلك يجب على مفسرى الكتب الإلهية الأخذ فى الإعتبار "نمط خلاص التاريخ" المُعلن فى الأسفار المقدسة  .

التاريخ يقع فى قلب تدبير الله الخلاصى للبشرية ، و التجسد كان إصلاح للتدبير الإلهى فيه ، و التبادل الإلهى بين الله و الإنسان ( يصير الله إنساناً ليصير الإنسان إلهاً ) لا يحدث حصراً عن طريق التجسد بل يسرى فى كل التاريخ ، إن استعلان الآب بواسطة الابن ليس أمراً مستقبلاً بل هو أحداث حاضرة و التى تجرى من خلال الزمن  ، و نحن ننتقل إلى تدبير الله فى الخليقة من خلال خلاص التاريخ [14]، و بذلك فإن الخطة الإلهية تُعلن عن نفسها بشكل رائع فى وحدتها و تقدمها المتطور .

إيريناؤس لم يكن أفضل من هيجل عندما رأى التاريخ البشرى هو عودة الراعى الإلهى المبتهج إلى الخروف الضال و يحمله على كتفيه ، و لكن المنطق وراء المجاز قد أُوضح بواسطة هيجل

.  .  .
بين الإسخاطولوجيا و الكايرولوجيا
عندما وقف يسوع مخاطباً الآب قائلاً "ليأتى ملكوتك على الأرض كما فى السماء" ، فإنه كان يفتح أذهان البشرية إلى تلقى نعمه الله الأبدية ، الآن فى التاريخ ، التأله ، و الخلاص ، مشابهه الله كلها أمور "أخروية" ، و لكنها بفعل تجسد الله فى التاريخ أصبحت "كايرولوجية" أى حاضرة فى عالمنا و واقعنا هذا ، عبّر أوريجانوس عن ذاك المفهوم حين أعلن أن الحياة الأبدية هى حالة وجودية تتحقق نتيجة عملية التحسين الإنسانى المستمر ، و نتيجة لتطور تدريجى نحو الكمال :
[ دعونا ألَّا نكون مندهشين من النعيم الرائع الذى للشهداء ، هذا "النعيم" متحقق فى السلام العميق و الهدوء و النورانية الموجودة منذ البدء و لكن بصورة قاتمة ،و إن جاز التعبير فهى "مسكناً شتوياً " ، فإن الكلمة التى قيلت فى نشيد الأنشاد للعروس التى أتت فى الشتاء تقول " أجاب حبيبى و قال لى : قومى يا حبيبتى يا جميلتى و تعالى ، ان الشتاء قد مضى و المطر مر و زال" ( نش 2 : 10 – 11 ) ، يجب عليك أيضاً أن تأخذ فى الإعتبار انه ليس ثمة سبيل إلى الاستماع إلى نداء " الشتاء قد مضى" إلا إذا كنت قد ناضلت بشجاعة و قوة خلال فصل الشتاء الحالى ، و بعد أن يكون الشتاء قد مضى و المطر قد عبر حينئذ يقوم التقدم ، بعد ذلك سوف تظهر الزهور " النباتات فى بيت الرب ، لابد أن تزهر فى أروقة إلهنا "[15] 

إن فكرة "السير" نحو الحياة الأبدية منسجم مع تصور الزمن بإعتباره إمتداد للطابع التليولوجى المتجه نحو المسيح ، و التى يتضح من خلالها أننا  نصل الحياة الأبدية من خلال الإعداد للأسباب الوجودية existential causality     المُفضية لها فى واقعنا التاريخى هذا .
أوريجانوس يستخدم بعض الأحداث و النبوات من الكتب المقدسة (مثل ما كُتب فى نهاية نبوات حزقيال و رؤياه / رؤيا يوحنا عن مدينة الله أورشاليم السمائية / كتاب العدد لموسى /خيم بنى إسرائيل ) كحجج على صحة التعليم المستيكى القائل أن النفوس تدخل فى تأمل الأشياء الإلهية و هى لازالت بعد فى الزمن.[16]

الحياة الأبدية ترتبط بالوعى و العمل المسؤول ، هى عملية أخلاقية تسير منذ البدء نحو التأله ، و هذه هى الطريقة التى نفهم بها تطور التاريخ ، فإن الله يدعونا إلى استعجال تحقيق كافة الأمور التى تخص الكمال ، حتى إذا ما أتى يوم العاشر من الشهر الأول ( يش 4 ) نكون قادرين على دخول أرض الموعد تلك التى سوف نتنعم فيها بحياة مثالية . 

فاللاهوت الأوريجانى لا يجعل الخلاص مستقبلاً أسطورياً غير محدد ، لقد أشار إلى أن التأليه يحدث هنا على الأرض إعتباراً من الآن ، الفداء ممكن و يجب السعى نحوه و تحقيقه فى التاريخ فى الخروج من المآزق الإجتماعية و الجمود الفكرى القاتل  ، إنه يسلط الضوء على الأهمية العظمى للإنسان و دوره فى تطور الزمن التاريخى ، الحلقات و الظروف التاريخية تبدو أنها تحدِ متواصل ، فى تلك اللحظة يجب على الإنسان أن يتعهد بنضاله الشخصى لكى يحقق مهمته الحقيقية ... إعلان ملكوت الله فى الأرض .

 هذا الكشف يعطى معناً خاصاً للظروف التاريخية ، هذه هى الحكمة أن نفهم أسباب تلك الأمور الحاضرة ، تلك التى يعطيها لنا اللوغوس و الروح القدس .
 هذا التلاقى بين الله و الإنسان فى فعل الخلاص لا يدخل فى أى تجربة غير تاريخية ، لأن الإنسان لايخرج من الزمن ، بل أن اللوغوس هو العامل فى التاريخ ، و الإنسان يضطلع بعملية تشكيل التاريخ أخلاقياً فى إطار مسئولياته الخاصة .

بالتالى يكون تاريخ الخلاص هو سلسلة من الأحداث الحقيقية فى العالم ، و هو يتحقق عبر الزمن ، و ليس من خلال أيّة ذاتية إذا كانت وهمية و تدعو للهروب من التاريخ ، لا توجد إمكانية للخلاص إلا من خلال الزمن ، أى من خلال التاريخ ، الخلاص بمعنى الهروب من الزمن هو خلاص غير موجود و يجب أن يرفض لأنه وهم خيالى سخيف ! و الخلاص لايمكن أن يتحقق لمخلوقات خاملة !

لقد ظل اوريجانوس يدفع فى طريق الضغط على إمكانيات الخلاص من خلال الفعل التاريخى و أن الحياة الأبدية تُختبر خلال هذه الحياة ، و إن كان هذا هو موقف زمكاني حقيقى يُمكن بالفعل أن يُعاش فى المستقبل ، الحياة الأبدية يمكن أن تختبر فى اللحظة القادمة من خلال الكنيسة التى تُقدم الحقيقة الإسخاطولوجية ماثلة أمام أعيننا .
. . .
تأليـــه التاريخ

من كل هذا نَخلُص أن الإنسانية ـ فى عقلها الجمعى ـ تتطور بإطراد مستمر إلى الأمام نحو الأبدية عينها ، و فقاً لخطة إلهية ... لكى تشابه اللوغوس و تؤهل للإتحاد به ، الذى هو غرض وجودها .
الله يقود الإنسانية كلها من أجل الخلاص فى الزمن حيث الإبداع الخلّاق ، هكذا أفهم المسيحية ، أن دعوتنا لا تتحرك تجاه وجود متعالى فى عالم آخر منفصل عنا فقط ، بل أن الخلاص و هزيمة الموت و الأبدية كلهم محايث و كامن هُنا و الآن ، دعوتنا هى للحركة نحو الهدف الأعظم و هو جعل العالم إلهياً ، أى إقامة ملكوت الله على الأرض ، و هو  بناء الحضارة و القضاء على الحروب و المرض و الجوع و الفقر و أى شىء يُهدد حياة إنسان ، هنا يصدق قول شليغل ، [[ إن الرغبة الثورية فى تشييد ملكوت الله ، هى بداية التاريخ الحديث ]]

أحد المفكرين المسيحيين قد استوعب تلك الحقيقة فكتب:
[ إذا استطاع الإنسان عن طريق العلم و الفعل أن يحول سائر قوى الطبيعة العمياء الآن و المعادية له فى أغلب الأحيان ، إلى أدوات و أجهزة للإنسانية و قوى واهبة للحياة ،.. و إذا أدركت الإنسانية كيفية السيطرة على الطبيعة استطاعت أن تقهر الموت ، بل تستطيع أكثر من ذلك إذا ينبغى عليها أن تُعيد بعث جميع أسلافها ، فإذا أصبحت الإنسانية متعددة فى الواحد multe-une   أو  واحدة فى التعدد كالثالوث الذى هو الآب و الابن و الروح القدس ، فإنها ستبلغ من عدم الإنقسام حداً يجعل من المستحيل وجود أى إنفصال أو إنعزال فيها ، أعنى وجود الموت ]
N.F.Fidorof (1828-1903)[17]

هل يمكننى القول أن هذا يُماثل الصراع الملحمى الذى خاضه المسيح ضد الموت ؟ .. نعم ، هذا صراع الإنسانية فى المسيح ، و هو الذى يهبه قوة الحركة و الاندفاع اللانهائى نحو غلبة قوى العدم و  الإضمحلال ، من أجل قيام الخليقة كلها ، و كأنها مسيحاً كونياً واحداً .

لذلك يجب على الكنيسة أن تستوعب كافة ما تحققه الإنسانية فى ذاتها من مكاسب و إعلان حق المسيحى فى الحياة الإجتماعية كما فى الحياة الروحية ، أى تقدم للإنسانية فى الإصلاح الإجتماعى او الإقتصادى او تقدم للحريات أو أى حركة تطور نحو الافضل فى التاريخ هى حركة نحو الله ذاته و تحقيق للمبدأ المسيحى الانطولوجى فى الوجود البشرى ، صحيح أن إرتقاء الإنسان يتحرك عبر التاريخ ، إلا أنه يتجاوزه فيما وراءه، نحو  المسيح الكونى الواحد .

التأله لن يتحقق كحدث ميتافيزيقى خارق مفارق للطبيعة ، بل يتجلى فى العلم و الفن و الفلسفة و الموسيقى و الحس الراقى ، كل إبداع إنسانى ـ فى يسوع المسيح-  يَطُل من كوّة صغيرة ، على لجج الأبدية .
...

Bibliography & Further Readings :

1 – N. A. Berdyaev – The Idea of God- Manhood in VL. Solov’ev.

2 –Gregory Bienstock 1940 – Church and God Manhood in Russian Religious Philosophy
3 - Eric Osborn - St. Irenaeus
4 - P. Tzamalikos - Origen Philosophy of History and Eschatology
5 - Matthew Craig Steenberg Of God and man theology as anthropology from Irenaeus to Athanasius    2009
6 – Hegel’s Social and Political Thought – David A. Duquette (IEP)
7- فى فلسفة التاريخ / د. أحمد محمود صبحى.
8– لاهوت التاريخ البشرى / الأب فاضل سيداروس اليسوعى.
9 - فكرة الزمان عبر التاريخ / كولن ويلسون.
10-  تاريخ الفلسفة الروسية / نيقولاى لوسكى.


1 – فيلسوف مسيحى روسى ، هو الذى صاغ مصطلح إنسانية الله
2  - Ir  (3.12.13).
 Ir  (2.30.9; cf. 4.36.6).
4 – Ir (2.30.9)
5الجدل هو صراع ، هو إنحلال تنبثق عنه نهضة كما يخرج الحى من الميت موضوعه الصراع و القوى المتعارضة و تحقيقها لذاتها خلال هذا الصراع،

– بحسب أوريجانوس : التاريخ هو "عطية" من الله و الإنسان يتلقى تلك العطية ، الإنسان يستقبل التاريخ كما لو كان تاريخه الخاص ! 

7 - P. Tzamalikos - Origen Philosophy of History and Eschatology, P 142
8– نسبة إلى ابن خلدون المؤرخ و الفيلسوف العربى المسلم
9ـ -  الأب فاضل سيداروس اليسوعى / لاهوت التاريخى البشرى / صـ 11
10  -  Cels, III, 28; italics mine.
11 – تلك التى نظَّر لها القديس أغسطينوس فى كتاب مدينة الله حيث العناية الإلهية التى تسير تُسيّر احداث التاريخ إلى غايتها ]
 ( 4  : 38 : 1  ) Ir  - 12
- 13  Ir  (4.14.1; cf. Jn 17:5)
14 – Ir (ch. 4).
1 Psalm 91, 14. exhMar, XXXI
 - 16  Cels, VI, 23.
17ـ وصل فيدوروف إلى حد القول بإمكانية تحقق قيامة الأموات عن طريق إعادة الموتى إلى الحياة بوسائل بشرية "ضع أجزاء الآلة إلى جنب بعضها البعض فيعود غليها الوعى" ـ و قد أثرت أفكار فيدوروف على مشاريع الحكومة السوفينية فيما بعد.