Thursday 7 April 2011

الغنوسية المسيحية / الأساسات و الظرف اللاهوتى



الغنوسية المسيحية !

الأساسات  ،   المُنطلقات  ،  و الظرف اللاهوتى .


 

عندما شرعت فى إعداد مقالات عن فكر آباء الكنيسة القديسين عن علاقة الإيمان بالمعرفة ،وجدت نفسى أمام كم هائل و متسع من الأفكار و الكتابات التى تُرصِّع المكتبة المسيحية عن هذا الموضوع ، لذلك آثرت التركيز على فكر العلاَّمة و القديس و الفيلسوف الأسكندرى ، كليمندس ( 150 ـ 210م ) لأنه هو الوحيد من بين آباء الكنيسة الذى وضع منهجاً كاملاً راصناً عن المعرفة المسيحية و علاقتها بالإيمان و السلوك ، صحيح أن آباءاً و كتاباً آخرين قد استفاضوا فى حديثهم عن هذا الأمر من أمثال أثيناغوراس الفيلسوف و يوستينوس الشهيد ، لكن كليمندس امتد به ليجعله منهج و طريقة حياة يعيشها الإنسان المسيحى ، و تصل به إلى الكمال و الخلود .
فى هذا المقال حاولت أن أتعرف على مفهوم منهج الغنوسية المسيحية ، و منطلقاته و الأسس التى يقوم عليها ، على أن نناقش عناصر هذا المنهج بالتفصيل فى المقال القادم.


لماذا  الـــغنوسية  المـــــسيحية ؟

تعتبر كتابات القديس كليمندس الأسكندرى بمثابة افتتاح عصر جديد فى اللاهوت و الفكر المسيحى ، و يمكن أن نعتبره مؤسس اللاهوت التأملى ، فلقد كان رائداً شجاعاً لمدرسة الأسكندرية اللاهوتية التى أرادت أن تحيى الإيمان و تدافع عن العقيدة الرسولية من الهرطقات الغنوسية التى كانت تموج فى عالم ذاك العصر ، هذا فضلاً عن مهمتها الأصيلة و هى تعليم الموعوظين ، و ذلك باستعمال الفلسفة كأداة ـ مجرد أداة ـ لمخاطبة هذا العالم الغارق فى تأملاته العقلية ، ذلك لأن الخطر ، هو فى مزج المسيحية بعناصر الفلسفة اليوناية ، كما فعل الغنوسيين ، و كان هذه هو رأى الكثير من معاصريه أيضاً مع بعض الإختلاف المُميِّز.
الوحيد من بين الكُتاب الكنسيين الذى ذكر تعبير "الغنوسية المسيحية " هو كليمندس الأسكندرى ، و هذه المعرفة الحقيقية الإلهية مُقدمة فى مواجهة الخطر الغنوسى الهرطوقى المتزايد الإنتشار فى الأوساط المسيحية فى القرنين الثانى و الثالث.

فبينما الغنوسيين الهراطقة كانوا يعلمون بأن الإيمان و المعرفة لا يمكن أن يتصالحا لأنهما متضادان مع بعضهما ، سعى كليمندس أن يثبت أنهما رفيقان الواحد مع الآخر ، و أن انسجام ـ هارمونى ـ الإيمان و المعرفة ينتجان  "المسيحى الكامل" و " الغنوسيس الحقيقية الكاملة " ، هذه المعرفة المتجسد فى الفلسفة اليونانية تحديداً و التى يعقد كليمندس مقارنات بينها و بين الإيمان المسيحى.

الغنوسية تشكل حركة فلسفية دينية مٌركبَّة من العديد من العناصر اليونانية و اليهودية و الشرقية ، و مبدأها ليس هو العلم بواسطة المعانى المجردة و الاستدلال المنطقى كالفلسفة ، و لكن معرفة الحس التجريبى الناتج عن اتحاد العارف بالمعروف فالغنوسية هى عقيدة الخلاص بالمعرفة السرية ، أو غنوسية سرية ، و الغنوسيون يدعون امتلاكهم لمعرفة استثنائية فجائية تمكنهم من فهم طرق الله و الكون و أنفسهم [1] و أنهم وحدهم الذين يعرفون أسرار الروح التى لا يُعبَّر عنها.[2]
 
و قد كانت الأسكندرية المركز الأكثر أهمية لهذه الهرطقات بحكم انها كانت الوريث للتقليدات اليهودية و الفكر الكلاسيكى و التصوف القديم للديانات الشرقية ، و استفادت الغنوسية من أهمية الأسكندرية كمركز لتبادل الأفكار و العقائد و كنقطة إلتقاء بين اليهود و اليونان،و كانت تستخدم المنهج العقلى المجرد بعيداً عن تلقيد الكنيسة و وضعت حلولاً صوفية باطنية للقضايا الفلسفية التى كانت تثيرها ، فجاء لاهوتها ـ الكاذب ـ مشوهاً مُضللاً مُهلكاً !!.

و بالطبع كانت تلغى أى دور للإيمان و الروحيات فى الحياة الإنسانية حتى أن القديس إيرناؤس يقول عنهم :

[ أنهم كانوا يمتلكون صوراً .. لبعض الفلاسفة المشهورين فى العالم ، و كانوا يكرمون هذه الصور بطرق مختلفة كما يفعل الأمم !! ][3]

و استطاعة هذه الغنوسية الكاذبة أن تقدم نظاماً عقائدياً بطريق مضمون للخلاص يشبة إلى حد كبير النظام الوثنى ، و فى مواجهة هذا ، قدَّم كليمندس نظاماً غنوسياً مسيحياً يقود الإنسان إلى الخلاص أرثوذكسياً حسب تعليم الرسل و الكنيسة المُقدسة.


ما  بين  كليمندس  و  تيار  الرافضين  للفلسفة  اليونانية :

اختلفت  اتجاهات الكتاب المسيحيين نحو الفلسفة القديمة تبعاً لنظرتهم إليها أو تبعاً للزاوية التى ينظرون منها ، فهى تارة عدو و خصم للمسيحية ، و تارة اخرى شىء نافع مثلها مثل دار الأسلحة أو مخزن استيداع  ، و تارة أخرى تجهيز و اعداد للمسيحية من قبل العناية الإلهية .

أكثر الآباء تأثيراً على تكوين الفكر الرافض لإمتزاج الفلسفة بالإيمان المسيحى هو القديس إيريناؤس أسقف ليون (140 ـ 202 م )  ، إذا قارننا كليمندس بالقديس إيريناؤس  الذى كان معاصراً له نجد أنه يمثل مُعلماً كنسياً من نوع مختلف تماماً ، فكل منهما يقدم نموذجاً مغايراً عن الآخر ، فإيريناؤس كان رجل التقليد المُقدس الذى استمد تعاليمه من كرازة الرسل و كان ينظر إلى أى تأثير من الثقافة و الفلسفة المعاصرة على أنه خطر على الإيمان المسيحى .
 
لكن امتياز اكليمندس أنه ـ بالرغم من تمسكه بتعاليم الأساقفة و تقليديته الشديدة ـ إلا أنه لم يقف موقف السلبية تجاه الفلسفة فى عصره بل أشهر فى وجهها فلسفة حقيقية مسيحية ، فيها وضع كنوز الحق الموجودة فى مختلف المناهج الفلسفية لتخدم الإيمان .[4]

كليمندس كان مؤسساً لمدرسة تهدف إلى الدفاع عن الإيمان و التعمق فيه باستخدام الفلسفة . و رغم أنه كان يرى مثل إيريناؤس الخطر الذى تمثله الفلسفة اليونانية على المسيحية و كافح معه ضد الغنوسية الزائفة الهرطوقية ، إلا أن كليمندس لم يكتف بالموقف السلبى ضد الغنوسية الزائفة بل واجهها بتقديم غنوسية مسيحية تستطيع أن تخضع كل ما هو حق فى كل نظم الفلسفة لتجعله فى خدمة الإيمان ، فإنه يرى أن بداية الفلسفة و أساسها هو الإيمان و الفلسفة هامة جداً لأى مسيحى يرغب فى أن ينفذ إلى محتوى إيمانه بواسطة العقل ، كما أن الفلسفة تبرهن ان هجمات الأعداء ضد المسيحية هى بلا أساس.و يعبَّر كليمندس عن التناسب و الإرتباط بين الإيمان و المعرفة  و فى بعض الأحيان يمضى فى هذا الإتجاة حتى ينسب إلى الفلسفة اليونانية دوراً فوق الطبيعة ، إلا أنه يعتبر الإيمان أكثر أهمية من المعرفة إذ يقول :
[ الإيمان أسمى من المعرفة ، و هو المعيار التى تُقاس به المعرفة ]
استروماتا 2 :4: 15

كان كليمندس واسع الإطلاع ، يجمع بين الفلسفة و الفن و للاهوت و الادب و أنه عرف الأسفار المقدسة معرفة جيدة  فقد استشهد بالعهد القديم أكثر من 1500 مرة و بالعهد الجديد اكثر من 200 مرة و استشهد من الأدب اليونانى شعراً و نثراً أكثر من 360 مرة . و علم كليمنضس أنه لا مفر من مجابهة الفلسفة اليونانية و الأدب اليونانى فإنبرى ينظم و ينسق العقيدة المسيحية تنسيقاً و تنظيماً يجارى به أفضل ما أنتجه الفكر الوثنى ، فقال أنه لا يوجد أى تناقض بين الفلسفة الحقيقية و الإيمان ، أو بين الإنجيل و الأدب ، فالعلوم كلها تخدم علم اللاهوت ، و المسيحية هى تاج جميع الفلسفات و مجدها.

حتى أن عنوان كتابه " المتنوعات" كما ذكر أوسابيوس القيصرى :
"متنوعات الذكريات الغنوسية ، تبعاً للفلسفة الحقيقية " لتيطس فلافيوس اكليمندس.[5]


و من  تيار  الرافضين  أيضاً:

+ العلَّامة هيبوليتوس الرومانى ( 160 ـ 235 م ):
 الذى قد هاجم "ثيؤدوتس" و " أرتامون" الهرطوقيين لأنهما هجرا الأسفار الإلهية المقدسة و وهبا نفسيهما لدراسة إقليدس و أرسطو ، و قد اتخذ نفس منهج القديس ايريناؤس.

+  العلَّامة ترتليانوس (155 ـ 220 م) :
 يرفض إرتباط الفلسفة بالمسيحية و يقول: ماذا تعمل أثينا مع أورشاليم ؟ أيوجد اتفاق بين الكنيسة و الأكاديمية ؟ أيوجد انسجام بين الهراطقة و المسيحيين ؟ لنبتعد عن كل محاولة لعمل مزيج بين المسيحية و الرواقية و الأفلاطونية ، و بعد أن إمتلكما المسيح يسوع ، لا نريد فيما بعد مناقشات هدفها حب الاستطلاع و لا نحيد عن الإنجيل و لا نريد أن نضيف إلى إيماننا معتقدات أخرى ]
 

[ أيوجد إتفاق بين المسيحى و الفيلسوف ؟ بين تلميذ اليونان و تلميذ السماء؟ بين الإنسان الذى يبحث عن الشهرة و بين الذى يريد أن يصل إلى الحياة؟ بين الذى يتكلم و بين الذى يعمل ؟ بين الذى يبنى و بين الذى يهدم؟ بين الذى يفسد الحق و بين الذى يُعلمه ؟ ][6]
و ينظر إلى الفلسفة الوثنية على أنها غباوة هذا العالم و ربما أكثر من غباوة [7]بل أنه يُلقب سقراط بقلب مفسد الشباب !

+ تاتيانوس الأشورى (172 م ) :
بالرغم من أنه تتلمذ على يد يوستينوس الشهيد إلا أن كل منهما يضع تقييماً مختلفاً للفلسفة و الثقافة غير المسيحية ،فبينما يحاول يوستينوس أن يعثر على عناصر للحقيقة فى كتابات بعض المفكرين اليونانيين ، فإن تاتيانوس يُعلم بالرفض الكامل لكا فلسفة يونانية ، يوستينوس فى دفاعه عن المسيحية أعطى احتراماً كبيراً للفلسفة غير المسيحية ، أما تانيانوس فيبدى كراهية شديدة لكا ما ينتمى للحضارة اليونانية و الفن و العلم و اللغة الخاصة بها.[8]

+ القديس ثيوفيلوس الأنطاكى ( 180م) :
على عكس كليمندس تماماً نجد القديس ثيوفيلوس الانطاكى فى رسالته الثانية إلى أوتوليكوس يقارن بين تعاليم الأنبياء الذين نطقوا بإلهام الروح القدس و بين تفاهات الديانة الوثنية و الأقوال المتناقضة للشعراء اليونانيين أمثال هوميروس و هيزيود بخصوص الآلهة و أصل العالم.[9]

لقد كان خوف أصحاب هذا الرأى أن تتسرب الأفكار الفلسفية اليونانية القديمة إلى المسيحية ـ بالرغم من اشتمال دفاعاتهم على عناصر عقلية ، و أدلة منطقية فى تؤكد حقائق الإيمان المسيحى ـ و لكن شكراً لله الحى أن الإيمان القويم قد حُفظ ، و اللاهوت الأرثوذكسى قد انتصر فى النهاية على الفكر الوثنى ، عبر جهاد طويل و صراع مرير ، دفع ثمنه غالياً بعض اللاهوتيين الأوائل أمثال أوريجانوس ، الذين زُلُّوا و هم يصارعون الفكر الفلسفة فى عرينه و عقر داره . لكن اليقظة الإلهية حفظت الإيمان و العالم الوثنى للحق بآن واحد ، و لا شك أن اتجاه اكليمندس لا اتجاه هؤلاء الرافضين هو الذى فاز فى النهاية و من ذلك ما نشهده عند أغسطينوس الذى انتفع كثيراً بالافكار الأفلاطونية الجديدة فى نظرته للكون .

+ + + + + + + + + + + +

كان أول من حاول التوفيق بين الفلسفة اليونانية و العهد القديم هو فيلون اليهودى ، و ورث المدافعين المسيحيين ـ خاصة ذوى الخلفية الفلسفية ـ قبل القديس كليمندس هذا المنهج من فيلون ، و لم يخجلوا من استخدام أدوات اللغة و التعبير الأدبى اليونانى فى عصرهم من فلسفة و منطق و منهج فكرى ، بالرغم من الهجوم الذى لاقوه من بعض الأوساط المسيحية من جرَّاء ذلك، و يمكن اعتبار هؤاء الفلاسفة المسيحين المدافعين بمثابة واضعى اللبنات الأولى فى البناء الفكرى الذى أرساه كليمندس عن الغنوسية المسيحية ، فلقد استطاع هؤلاء المدافعون بأفكارهم أن يمهدوا لقبول دخول الأفكار الفلسفية للدفاع عن الإيمان المسيحى و شرحه ، و نذكر من بينهم تحديداً :


الفيلسوف  فلافيوس  يوستينوس  و "بذرة " اللوغوس :

يعتبر يوستينوس( 165 م) أول كاتب كنسى يحاول أن يبنى جسوراً بين المسيحية و الفلسفة اليونانية ، و قد تنقل بين الرواقية و المشَّائية و الفيثاغورية و الأفلاطونية قبل تحوله إلى المسيحية ، فهو مُدافع ذو خلفية فلسفية ، حتى أنه فى كتاباته يصعب التفرقة بين اللاهوت و الفلسفة بشكل دقيق و قاطع [10] ، هو يقول أن هناك حكمة واحدة أو "فلسفة" واحدة و هى التى أعلنت بالمسيح و فى المسيح ، و لم تكن أفضل عناصرها _ فى الفلسفة اليونانية و بالأخص الأفلاطونية _ إلا اعداداً و تجهيزاً لها ، و إن كان الفلاسفة قد تنبأوا بالحق ، فإنهم فعلوا هذا بقوة اللوغوس الذى هو المسيح نفسه متجسداً ، و قد كان لنظرته هذه أكبر تاثير على الكتاب المتأخرين و خاصة كليمندس.

من أهم التعاليم التى وضعها يوستينوس هو تعاليمه عن "بذرة اللوغوس" و التى أثرت و بشدة على فكر كليمندس فيما بعد ، فالكلمة اللوغوس عنده يشكل همزة الوصل بين الفلسفة اليونانية و المسيحية،و بالرغم من أنه ظهر بملئه فقط فى المسيح ، فإن "بذرة" من اللوغوس قد انتشرت وسط كل البشر من قبل مجىء المسيح[11] ، لأن كل إنسان يملك فى عقله "بذرة"
sperma 
و هذه وُجدت فى الفلسفة اليونانية الوثنية و تربت و نمت فيها و لذلك فإن اللوغوس هو الذى أرشد فلاسفتهم و معلميهم  ، لذلك فليس فقط أنباء العهد القديم بل حتى الفلاسفة الأمميين كانوا فيهم بذرة نابتة من اللوغوس فى نفوسهم مثل هيراكليدوس ، أفلاطون ، سقراط ، موزونيوس الرواقى الذين عاشوا بحسب توجهات اللوغوس الكلمة الإلهى ، و لذلك فهو يقول عنهم أنهم كانوا مسيحيين حقيقيين ، و إن الفلاسفة أمثال أفلاطون اقتبسوا من العهد القديم ، و لهذا السبب فإننا لا ندهش عندما نجد بعض الأفكار المسيحية فى الفلسفة الأفلاطونية .

[عندما حاول سقراط ـ بقوة اللوغوس ـ أن يهدى الناس من الباطل إلى الحق ( و كأنه آله فى يده ) حكم عليه الأشرار بالموت و كأنه ملحد ، هكذا المسيحيون أيضاً و هم يتبعون اللوغوس نفسه و يطيعونه و يجحدون الآلهة الباطلة يرميهم الناس بالإلحاد ، و كما خدم سقراط الحق كان عمله هذا تجهيزاً و إعداداً لعمل المسيح ][12]

و أيضاً يُصرِّح فى حواره مع تريفو اليهودى أن الفلسفة من أثمن الهبات الإلهية التى رسم الله بها أن يقود الإنسان إليه ، و لو أن أكثر الناس لم يُميزوا طبيعتها الحقيقية و وحدتها كما تبين المذاهب الفلسفية الكثيرة المتعارضة فيما بينها .

يقول القديس يوستينوس عن الكلمة فى دفاعة الأول ( 1 :46) :
[ لقد تعلمنا أن المسيح هو بكر الخليقة و قد أعلنا انه هو الكلمة الذى اشترك فيه كل جنس من أجناس البشر و أن كل من عاش عيشة تتفق و الكلمة كان مسيحياً و لو أنه عُرف بالوثنية و ذلك كما جرى بين اليونانيين أمثال سقراط و هيراقليطس و غيرهما ] [13]

و هو يُقرر فى الخطاب إلى اليونانيين أن هناك آثار للمعرفة الحقة لله نجدها حتى عند الشعراء و الفلاسفة اليونانيين و لكن الجزء القليل من الصلاح الموجود عندهم مأخوذ من كتب اليهود .
و قد سر سروراً بالغاً ، و بشكل خاص ، فى مذهب الأفلاطونية فى الصور غير المادية حتى أنه بدأ يتطلع إلى رؤية الله ، و هى على ما يقول يوستينوس غاية الفلسفة عند أفلاطون .

و بالرغم من أنه يعتبر الأفلاطونية فيما يتصل بالعالم الروحانى غير المادى و فيما يتصل بالكائن فوق جوهر الوجود أو وراء الطبيعة و هو الله ، إلا أنه وصل إلى اقتناع بأنه لا يمكن التوصل إلى معرفة الله معرفة يقينية و مأمونة و مؤكدة ، أو بعبارة أخرى لا يمكن التوصل غلى الفلسفة الحقيقية إلا بتلقى الوحى الإلهى ، و هو يستخدم الكثير من المصطلحات الأفلاطونية فى دفاعه عن المسيحية .

 
أثيناغوراس  الفيلسوف  (177م)  :

 أثيناغوراس كان قبل تحوله إلى المسيحية فيلسوفاً ينتسب إلى الأفلاطونية الحديثة و كان يدير الأكاديمية فى الأسكندرية على ما يقول فيلبس الصيدوى [14] ،و كان من بين المُعلمين الذين تتلمذ عليهم كليمندس ، كان يتخير أفضل من المذاهب الفلسفية جميعها ، حتى قيل عنه أنه أول من اتبع مذهب التخير و التأليف بين المذاهب ، و هو يقتبس الكثير من الشعراء و الفلاسفة و نجد فى كتاباته استشهادات هذا عددها من الفلاسفة و الشعراء اليونان و خاصة أفلاطون .، و يدل اسلوبه على أنه خطيب .

إلا أنه يختلف عن يوستينوس فى عدة نقاط جوهرية :
+ أنه لا يجعل للفلسفة دور إلهى ، بل انه يركز بالأكثر على كتب الوحى النبوى التى تحتوى على الحق الكامل.
+ لم يتهم اليونانيين بالأخذ عن العهد القديم كما فعل يوستينوس ، و من بعده كليمندس .
+ يُعلى من أهمية السلوك المسيحى العملى فى التأكيد على سمو المسيحية عن كل الأديان و الفلسفات الوثنية

[ إن الإتجاه للتوحيد ممكن أن نجده عند بعض بعض الشعراء و الفلاسفة الوثنيين و لكن لم يحدث أن أحداً من الناس اتهمهم بالكفر رغم أنهم قدموا براهين ضعيفه على أفكارهم ، أما المسيحيين فقد عرفوا الله و حصلوا على وحى إلهى و تعليم أنبائهم عن هذه النقطة هؤلاء الأنبياء الذين نطقوا بإلهام من الروح القدس ، إضافة إلى ذلك فالمسيحيين عندهم براهين من العقل على إيمانهم ، إن الفكرة المسيحية عن الله هى أكمل و أنقى من أفكار كل الفلاسفة و هذه حقيقة يثبتها و يوضحها المسيحيون ليس بالأقوال فقط و لكن بالأفعال أيضاً ، مَن من الفلاسفة الوثنيين قد طهر نفسه لدرجة أنه يمكنه عندئذ أن يحب أعدائه بدلاً من أن يكرههم ، و بدلاً أن يلعنوا الذين يشتمونهم ، يباركونهم ، و أن يصلوا لأجل الذين يتآمرون على حياتهم ، و ستجد بيننا أشخاص غير متعلمين و صناع و نساء ، الذين رغم أنهم قد يكونوا عاجزين على أن يبيرهنوا على فائدة و صحة عقيدتنا بالكلام ، إلا أنهم يظهرون بأفعالهم الفائدة التى تنتج من امتلاكهم لحقيقة هذه العقيدة
(الدفاع ـ فصل 11 )


[ شعراء و فلاسفة اليونان قد اجتهدوا فى هذا الأمر كما فى غيره بطريقة التخمين  ـ مدفوعين كل واحد منهم كما من نفسه الخاصة ـ محاولاً لعله يستطيع أن يصل إلى الحق و يدركه ، و لكنهم لم يوجدوا اكفاء تماماً لكى يدركوه ، لأنهم اعتقدوا أنه من المناسب أن يتعلموا عن الله ليس بإلهام من الله بل كل واحد يتعلم من نفسه ، و لذلك وصل كل منهم إلى نتيجة خاصة به فيما يخص الله و المادة و الهيئة و العالم ، اما نحن فعندنا شهود عن الأمور التى ندركها و نؤمن بها و هم الأنبياء و هم اناس قد تكلموا عن الله و أمور الله منقادين بروح الله ... أنه يكون من غير المعقول بالنسبة لنا أن نكف عن الإيمان بالروح الذى من الله و الذى حرك أفواة الأنبياء مثل الآلات الموسيقية و نلتفت إلى مجرد آراء بشرية ][15]
 ( دفاع فصل 7)

و نعتقد أن التفاعل بين الفكرين اليوستنى ، الأثيناغورى ، بما بينها من مناطق مشتركة و اختلافات قد أوجد فى النهاية الفكر الكليمندى الذى سنتحدث عنه بأكثر تفصيل فى المقال القادم

+ + + + + + + + + + + +

هكذا لعب الظرف اللاهوتى دوره الحاسم فى تشكيل فكر "الغنوسية المسيحية " ، فحاجة الكنيسة المسيحية المتزايدة لمجابهة الخطر الغنوسى الهرطوقى ، امتزجت مع أفكار المُدافعين الأوائل الذين كرَّموا الفلسفة و قدموها على أنها إعداداً لقبول الحق المسيحى ، أضف إلى ذلك الخلفية الفلسفية لكيمندس الإسكندرى ، كل ذلك جعله يخرج بثلاثيه الرائع : الوعظ ، المُربى ، الستروماتا ( المتنوعات = المتفرقات) الذى يظهر فيه منهجه بوضوح ، والذى يصفه كليمندس نفسه بأنه نسيج من التفاسير الرصينة بحسب الفلسفة المسيحية الحقيقية ، و يهدف إلى تقديم حقائق الإيمان المسيحى الموحى بها فى صورة علمية ،و يختمه بعرض الإختبارات المسيحية الفائقة كالبتولية و الكمال المسيحى و الاستشهاد و الغنوسية المسيحية الحقيقية.

فى البداية ، رسَّخ كليمندس قاعدتين لاهوتيتين ـ يعتبرهما كاتب هذه السطور ـ الأساس الذى بنى عليه كل فكره فيما بعد :


أولاً : كلمة  الله  اللوغوس .. أصل  و بداءة  كل  معرفة :

عندما نريد أن ندرس منهج كليمندس الإسكندرى عن الغنوسية المسيحية ، لابد أن ننطلق من نظرته الثيولوجية لـ "الكلــمة اللوغـوس " ، فالمُعلَّم الإسكندرى قد وضع نظاماً لاهوتياً كاملاً كان اللوغوس الإلهى  هو البداية و النهاية فيه ، و هذه الفكرة تسيطر على كل تفكيره و تنضح على كل كتاباته ، بل تعتبر الأساس الثابت و حجر الزاوية الذى بنى عليه كل كلامه عن "المعرفة الحقيقية" و مقارناته بين المسيحية و الفلسفة اليونانية.
  
هكذا ، فهو يقف على نفس أرضية يوستينوس الشهيد من نحو اللوغوس و الفلسفة ـ التى سبق الحديث عنها ـ لكن كليمندس تقدم فى هذا الإتجاه أكثر منه ، فقد جعل من فكرة اللوغوس المبدأ الأعلى الذى يشرح العالم دينياً ، فالكلمة هو خالق الكون ، و هو الذى أعلن الله فى ناموس العهد القديم و أعلنه فى فلسفة اليونان ، و أخيراً فى ملىء الزمان أظهره الله بالتجسد ، فنحن نستطيع أن نعرف الله فقط من خلال الكلمة ، لأن الآب يفوق كل معرفة و لا يمكن أن يُسمَّى .
و الكلمة إذ هو العقل الإلهى ، لذلك فهو أساساً مُعلم العالم و مشرع الجنس البشرى ، و يقول عنه أنه مخلص جنس البشر و مؤسس الحياة الجديدة التى تبدأ بالإيمان و تتقدم إلى المعرفة و التأمل و تقود بواسطة المحبة و أعمال الرحمة إلى الخلود و التأليه .

حتى أنه جعل الكنيسة هى [ المدرسة التى يقوم فيها عريسها يسوع بالتعليم !]
paed 1,5

و بالطبع فهو لا ينظر إلى اللوغوس باعتباره مبدأ مجرد ، بل هو شخص حى ، تجسد فى الزمن و ظهر فى صورة المسيح يسوع و قاد الإنسان إلى معرفة الله الحقيقية ، هذا الفكر التقليدى الذى يتبعه كليمندس من جعة شخص يسوع  سيقوده بعد ذلك إلى وضع السلوك و الفضيلة و الأخلاقيات المسيحية التى يعمل بها الإنسان واقعياً ، بل و النسك ، على قمة البناء الفكرى الذى للغنوسية المسيحية !!


ثانياً : كل علم و إبداع بشرى هو حكمة من الله :

يعرض لنا القديس كليمندس الإسكندرى ، فى الفصل الرابع من كتاب المتفرقات ، فكره عن الحكمة ، و يُعدد الأدلة من الفلسفة اليونانية و من العهد القديم على أن كل علم و فن و أدب و معرفة تسمى "حكمة" ، وفهو هنا ينظر إلى الحكمة بمفهومها الواسع فلا يحصرها فقط فى "العلم الدينى" أو "اللاهوتى" أو فى "الإعلان الإلهى و الوحى" فقط ، بل أن هذه الحكمة الإلهية توجد أيضاً عند الصُنَّاع ، و الفلاسفة و المناطقة و الفنانيين ، و أصلها بالطبع هو الكلمة الإلهى الذى يضع حكمته فى قلوب من يكونون مؤهلين لذلك.

[ هوميروس يسمى الصانع حكيماً ، و يكتب عن مارجيتس ، إذا صحت نسبة هذا المكتوب إليه هكذا : " الآلهة لم تخلقه حفاراً  أو حراثاً .. و لا حكيماً بأى وجة آخر  ، فقد أخفق فى كل فن " ، ثم قال هزيود عن الموسيقار لينوس أنه " كان ماهراً فى جميع دروب الحكمة" ، و لا يتردد فى أن يسمى الملاح ( البحار ) حكيماً  ، هكذا يكتب قائلاً :" ليست له حكمة الملاحة " .

و يقول النبى دانيال " السر الذى طلبه الملك ، لا تقدر الحكماء و لا المجوس و لا السحرة و لا المنجمين على أن يبينوه للملك ، لكن يوجد إله فى السموات كاشف الأسرار " ( دا 2 : 27 ، 28 )
فهو هنا يدعو البابليين حكماء ، و الكتاب المقدس يسمى كل علم دنيوى و كل فن باسم واحد .. هو الحكمة ( و هناك فنون و علوم أخرى زيادة على تلك يبدعها العقل البشرى )
و هذا الإبداع فى الفنون و ضروب المهارة هو من الله و هذا يتضح من العبارات التالية " وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: «اُنْظُرْ. قَدْ دَعَوْتُ بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي بْنَ حُورَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا بِاسْمِهِ، وَمَلأْتُهُ مِنْ رُوحِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ صَنْعَةٍ، لاخْتِرَاعِ مُخْتَرَعَاتٍ لِيَعْمَلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ، وَنَقْشِ حِجَارَةٍ لِلتَّرْصِيعِ، وَنِجَارَةِ الْخَشَبِ، لِيَعْمَلَ فِي كُلِّ صَنْعَةٍ." (خر 31 : 1 _ 5 )

ثم يضيف إلى ذلك السبب العام " وَفِي قَلْبِ كُلِّ حَكِيمِ الْقَلْبِ جَعَلْتُ حِكْمَةً، لِيَصْنَعُوا كُلَّ مَا أَمَرْتُكَ " (خر 31 : 6 ) أى أن الكل قادر على الحصول عليها بالجهد و العمل .
و أيضاً ورد صراحة باسم الرب :" وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ" ( خر 28 : 3 ) أن حكماء القلب يتميزون بصفات طبيعية خاصة بهم  ، و الذين يظهرون انفسهم مستحقين للحكمة ينالون من " الحكمة العظمى" ( و يقصد هنا اللوغوس كلمة الله ) نصيباً مضاعفاً من روح الحكمة و الذين يشتغلون فى الفنون المعروفة لهم فيما يتصل بالحواس مواهب ممتازة ،فالموسيقار موهبته فى السمع ، و صانع الفخار فى اللمس، المُغنى فى الصوت ، و صانع العطور فى الشم ، و ناقش حفار الرسوم على الأختام فى النظر ، كذلك المشتغلون بالتعلم يدربون حساسيتهم كما يفعل الشعراء الذين تهتز نفوسهم بموازين الشعر ، كذلك السوفسطائيين يجيدون التعبير ، و المناطقة القياسات المنطقية ، و الفلاسفة تأمل ذواتهم ، لأن الحساسية تكشف و تخلق ، حيث أنها تحرك على الطلب ، و العمل يزيد الطلب نحو المعرفة ، لذلك فإن الرسول كان على حق عندما دعا حكمة الله "متنوعة "  ( أف 3 : 10) ، و أنها أظهرت قوتها " بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ " ( عب 1:1) ، فى فن فى معرفة فى إيمان فى نبوة لمنفعتنا ، " لأن كل حكمة فهى من الرب ، و لا تزال معه للأبد" كما يقول الحكمة ليشوع بن سيراخ ( سيراخ 1 :1) ][16]

إذن .. وفقاً لفكر كليمندس فإن "المعرفة" هى مبدأ أزلى موجود بوجود اللوغوس الذى هو مصدرها ، و هى لا ترتبط بشعب معين ، اليهود الذين " لَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ" (رو 9 :4) وحدهم ، بل كانت لليونانيين أيضاً عن طريق الفلسفة ، و هى أيضاً لا تنحصر فى "علم دينى" بل تمتد لتشمل كل فروع المعرفة العقلية و التجريبية معاً .


تعليق  و  إندهاش !!

 اذا جاز لى أن أعلق على هذا ، فأقول أنه ما أحوج مجتمعنا الآن لهذه الفكرة المسيحية فائقة الروعة التى ترى الصلاح و الخير ، بل و الإلهية فى كل ابداع و فكر بشرى ، هذا المجتمع الذى يريد أن يدير حياته "بالفتاوى" التى تحلل و تحرم أنشطة العقل و التفكير و البحث العلمى،و تتحكم فيها و تضع لها حدوداً بما يتوافق مع ما أنزله الله !

أنظر أخى القارىء إلى هذا الفكر المسيحى المُشرق ، بل أريدك أن تُقارن بين هذا الفكر المُبارك الذى لآباء الكنيسة و بين ما نُسب إلى عن عمر بن الخطاب فى رده على عمرو بن العاص بخصوص مكتبة الأسكندرية ـ هذه التى أنارت العالم ـ حيث قال [ و أما الكتب التى ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففى كتاب الله غنى عنه ، و إن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة إليها ، تقدم لإعدامها ] [17] ، بمعنى أن المكتبة محروقة ، محروقة ، فقط لأنها لا تحوى تنزيلاً !!!

قارن بينه و بين ما خطَّه قلم حجة الإسلام الغزالى فى كتابه "تهافت الفلاسفة" عن هؤلاء المفكرين الذين يستخدمون العقل : [فإني رأيتهم أصنافاً، ورأيت علومهم أقساماً؛ وهم على كثرة أصنافهم يلزمهم وصمة الكفر والإلحاد، وإن كان بين القدماء منهم والأقدمين، وبين الأواخر منهم والأوائل، تفاوت عظيم في البعد عن الحق والقرب منه ] [18]

بل أقول أن هذه الدراسة قد فتحت شهيتنا للبحث عن أسباب الخلاف بين هذين الفكرين الغاية فى التباعد و نتائج كل منهما على عقلية الإنسان ، و تقدم مجتمعه !
يــُتبع


[1]  نظرة إلى علم الباترولوجى فى القرون الستة الأولى / الأب تادرس يعقوب ملطى صـ 49 ، 50

[2] راجع الدراسة اللاهوتية المتعمقةعن الغنوسية التى قام بها الأستاذ / مينا فؤاد
 
http://www.4shared.com/document/4zEF-JU9/__________.html
[3]  الأيقونات / حياة الصلاة الأرثوذكسية ـ للأب متى المسكين.
[4]  راجع فكر القديس كليمندس فى كتاب " دراسات فى آباء الكنيسة" لأحد رهبان برية القديس مقاريوس .
[5]  الدراسات الفلسفية ـ لنيافة الأنبا غريغوريوس صـ 224
[6]  ترتليانوس / نصحى عبد الشهيد / المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية .
[7] الدراسات الفلسفية ـ لنيافة الأنبا غريغوريوس صـ 49
[8] تاتيانوس الأشورى ـ د / نصحى عبد الشهيد / المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية .
[9] ثيؤفيلوس الأنطاكى ـ / نصحى عبد الشهيد / المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية .
[10] نظرة إلى علم الباترولوجى فى القرون الستة الأولى / الأب تادرس يعقوب ملطى صـ 26
[11]  يوستينوس الفيلسوف و الشهيد ـ د / نصحى عبد الشهيد ـ المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية.
[12] الدراسات الفلسفية ـ لنيافة الأنبا غريغوريوس صـ 52
[13] القديس يوستينوس الشهيد ، د /نصحى عبد الشهيد / الكورسات المتخصصة فى المركز الأرثوذكسى للدراسات الأبائية
[14]  الدراسات الفلسفية / لنيافة الانبا غريغريوس صـ 14
[15]  أثيناغوراس ، الفيلسوف المسيحى بأثينا ، د/ نصحى عبد الشهيد / الكورسات المتخصصة فى على الباترولوجى فى المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية .
[16]استروماتا ـ الفصل الرابع ، ترجمه الأنبا غريغوريوس فى الدراسات الفلسفية صـ 241
[17] الغدير ، و الفهرس لابن النديم ، راجع موقع

2 comments:

Anonymous said...

فى البداية لا أدرى كيف أشكرك على تقديمك هذا الموضوع القيم الشامل لفلسفة اللوغس و علاقته بالغنوسية الحقيقية ، فهذا الموضوع لم يقتصر أنى استفدت منه علمياً بل شعرت ان كل كلمة من كلامته تدغدغ روحى و تدفعنى للإرتماء فى حضن اللوغوس الذى منه كل حكمة و كل إبداع ، فحقاً لو أردنا ان نشرح اللوغوس لن نستطيع أن نشرحه كما شرحته أيها الأخ حبيب مارك.

أرجو منك ان تغطيه بشكل كامل و اطلب منك ان توضح بعض النقاط فى الموضوع القادم:
1- غنوسية التصوف والتصوف الحقيقى
2- كيف ننال المعرفة بشكل علمى و عملى من خلال كتابات الاباء

و شكراً جزيلاً لك على تعب محبتك
ليعوضك المسيح إلهنا

ف. س

Marc Philippos said...

أشكرك جزيلاً أخى الحبيب ، الذى لم أتعرف على شخصه الكريم بعد!

لا أنكر أن قرائتى لفكر الغنوسية المسيحية عند القديس كليمندس الأسكندرى ، و محاضرة دكتور جورج عوض إبراهيم عن "القيم الأخلاقية هل هى إبداع إلهى أم إنسانى" ـ التى ألقيت فى المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية فى نفس أسبوع تحضير و نشر هذه الدراسة ـ قد أضافتا إلىَّ جوهرة لاهوتية فائقة الروعة ، لم أكن قد اقتنيتها بهذه الدقة و الوضوح و التطبيقية من قبل !!

نحن خُدام اللوغوس ، لذلك تجد لآبائنا الفكر المستنير الذى يُعلى من قيمة العقل ، أما فى الثقافات الأخرى التى تحتقر اللوغوس و تحصر المعرفة فى كتاب دينى لا يُعرف أصله و فصله ، فقد وصل بهم الحال إلى ما نراه الآن فى مجتمعنا !

فى المقال القادم سنركز بنعمة الرب على فكر القديس كليمندس ـ فقط ـ من جهة علاقة الإيمان بالمعرفة ، بل و بالسلوك أيضاً .
ذلك لأن هذا الموضوع متشعب جداً و يوجد له العديد من المداخل ، فمدخل القديس كليمندس ذو الخلفية الفلسفية الأفلاطونية ـ يختلف بالتأكيد عن مدخل القديس أغسطينوس ذو الخلفية الفلسفية الأرسططالية ، و هو مختلف بدوره عن المنهج الأثناسى ذو المدخل التقليدى الرهبانى التقوى
لا اعتقد إنى سأركز على التصوف ،لأن كليمندس لم يكن متصوفاً.

لكنى أعدك أن جميع هذه الموضوعات ستوضع على قائمة قرآتى ، فى دائرة الدراسة.

لو تريد ، فيسعدنى التواصل معك شخصياً عبر الفيسبوك ، و تستطيع أن تصل لى عن طريق الرابط على المدونة

فلتكن مُعافى فى الرب